52عبدالله بن عمر العُمري، عن الزُّهري، قال: حدَّثْتُ عليّ بن الحسين بحديث، فلمّا فرَغْتُ قال: أحسنت! هكذا حُدِّثناهُ; قلتُ: ما أُراني إلاّ حدّثتك بحديث أنتَ أعلمُ به منّي، قال: لا تَقُلْ ذاك، فليس ما لا يُعرفُ من العِلم، إنّما العِلم ما عُرِف، وتواطأت عليه الألسن.
وقيل: إنّ رجلاً قال لابن المُسيِّب: ما رأيت أورعَ من فلان; قال: هل رأيتَ عليّ بن الحسين؟ قال: لا. قال: ما رأيتُ أورعَ منه.
وقال جويريةُ بن أسماء: ما أكلَ عليّ بن الحسين بقرابتهِ من رسول الله (ص) دِرهماً قطّ.
محمّد بن أبي معشر السِّنديّ، عن أبي نوح الأنصاري، قال: وقعَ حريقٌ في بيت فيه عليّ بن الحسين وهو ساجد، فجعلوا يقولون: يا ابن رسول الله! النار. فما رفعَ رأسهُ حتّى طُفِئت. فقيل له في ذلك، فقال: ألهَتني عنها النار الاُخرى.
ابن سعد: عن عليّ بن محمّد، عن عبدالله بن أبي سليمان، قال: كان عليّ بن الحسين إذا مشى لا تجاوز يدهُ فخذيه ولا يخطِرُ بها، وإذا قام إلى الصلاة، أخذتهُ رِعدة، فقيل له، فقال: تدرون بين يديّ مَنْ أقوم ومَنْ اُناجي (25) ! .
وعنه، أنّه كان إذا توضّأ اصفرَّ.
إبراهيم بن محمّد الشافعي، عن سفيان: حجّ عليّ بن الحسين، فلمّا أحرم، اصفرَّ وانتفضَ ولم يستطِع أن يُلبّي، فقيل: ألا تُلبّي؟ قال: أخشى أن أقول: لبّيك، فيقول لي: لا لبّيك، فلمّا لبّى، غُشيَ عليه، وسقط من راحلته، فلم يزَلْ بعضُ ذلك به حتّى قضى حجّه. إسنادها مرسل.
وروى مصعب بن عبدالله، عن مالك، أحرم عليّ بن الحسين، فلمّا أراد أن يُلبِّي، قالها، فاُغميَ عليه، وسقط من ناقته، فهُشِم. ولقد بلغَني أنّه كان يُصلّي في كلّ يوم وليلة ألف ركعة إلى أن مات. وكان يُسمى زين العابدين لعبادته.
ويُروى عن جابر الجُعفي، عن أبي جعفر: كان أبي يُصلّي في اليوم والليلة ألف ركعة، فلمّا احتُضِر، بكى، فقلت: يا أبتِ ما يُبكيك؟ قال: يا بُنيّ، إنّه إذا كان يوم القيامة لم يبق ملَكٌ مقرّب، ولا نبيٌّ مرسل، إلاّ كان لله فيه المشيئة، إنْ شاء عذّبه، وإن شاء غَفَرَ له. إسنادها تالف (26) .
عن طاووس: سمعتُ عليّ بن الحسين وهو ساجد في الحِجْر يقول: عُبَيْدُكَ بفنائك، مسكينُك بفنائك، سائِلُكَ بفِنائك، فقيرُكَ بفِنائك. قال: فوالله ما دعوتُ بها في كَرب قطّ إلاّ كُشِفَ عنّي.
حجّاج بن أرطأة، عن أبي جعفر، أنّ أباه قاسَمَ الله تعالى مالَهُ مرّتين. وقال: إنّ الله يحبّ المُذنِبَ التوّاب.
ابن عُيينة، عن أبي حمزة الثمالي، أنّ عليّ بن الحسين كان يحمل الخُبز بالليل على ظهره يتَّبعُ به المساكين في الظُّلمة، ويقول: إنّ الصدقة في سواد الليل تُطفئ غضب الرّب.
يونس بن بُكير، عن [محمّد](27) بن إسحاق: كان ناسٌ من أهل المدينة يعيشون، لا يدرون من أين كان معاشهم، فلمّا مات عليّ بن الحسين، فقدوا ذلك الذي كانوا يؤتَوْنَ بالليل.
جرير بن عبد الحميد، عن عمرو بن ثابت: لمّا ماتَ عليّ بن الحسين، وجدوا بظهره أثراً ممّا كان ينقُل الجُرْبَ بالليل إلى منازل الأرامِل.
وقال شَيبةُ بن نعامة: لمّا مات عليّ وجدوه يَعُولُ مائة أهلِ بيت.
قلت: لهذا كان يُبخّل، فإنّه يُنفِق سِرّاً ويظُنُّ أهله أنّه يجمع الدراهم.
وقال بعضهم: ما فقدنا صدقة السرّ، حتّى تُوفّي عليّ.