50وإنّي لأستحيي من ربّي أن أتصدّى لإثبات وثاقة هذه السلسلة من السند أو أتعمّد لتحكيم صدق هؤلاء، وهم في غنىً عمّن سواهم والكلّ محتاجون إليهم، ولكن عذري في ذلك سنّة الدهر في ظلمه على أصحاب الفضائل وهوانه في عداه على أرباب الكمال، فلا محيص لي عن التعرّض لهذا والتصدّي له وأروم الاختصار وأقصد التلخيص، بعد أن أجوز بيان شأن عليّ وابنيه والاُمّة عالمة بفضلهم والمسلمون مذعنون بأمانتهم وإمامتهم، أتعرّض لشأن الأئمّة الثلاثة عليّ بن الحسين وابنه محمّد بن عليّ الباقر وابنه جعفر بن محمّد الصادق (عليهم السلام) .
قال الذهبي - وهو ممن يعرفه أهل السِّير بأنّه لا يجامل ولا يبالغ في ذِكر فضيلة لأهل بيت النبيّ (ص) إذا لم ينقصهم حقّهم أو يبخسهم فضلهم، كما أنّ موقفه مع شيعتهم معروف ولسانه في وصف مواليهم معلوم.
أذكر كلام الذهبي وأُحيل الزيادة عليه على سائر الكتب من مؤلّفات أرباب السِّير والتراجم ومن جملتها تهذيب الكمال.
وكيف كان، قال الذهبي:
عليّ بن الحسين (ع) ابن الإمام عليّ بن أبي طالب بن عبد المطّلب بن هاشم ابن عبد مناف، السيّد الإمام، زين العابدين، الهاشمي العَلَويّ، المدنيّ.
يُكنّى أبا الحسين ويُقال: أبو الحسن، ويُقال: أبو محمّد، ويُقال: أبو عبدالله. واُمّه اُمّ ولد، اسمُها سلامة سُلافة بنت ملك الفرس يزدجرد، وقيل: غزالة.
وُلِدَ في سنة ثمان وثلاثين ظنّاً.
وحدَّث عن: أبيه الحسين الشهيد، وكان معه يوم كائنة كربلاء وله ثلاثٌ وعشرون سنة، وكان يومئذ موكوعاً فلم يُقاتل، ولا تعرّضوا له، بل أحضروه مع آله إلى دمشق، فأكرمهُ يزيد، وردّه مع آله إلى المدينة، وحدَّث أيضاً عن جدّه مرسلاً، وعن صفيّة اُمّ المؤمنين، وذلك في «الصحيحين» ، وعن أبي هريرة، وعائشة وروايته عنها في «مسلم» ، وعن أبي رافع، وعمّه الحسن، وعبدالله بن عبّاس، واُمّ سَلَمة، والمِسوَر بن مخرَمة، وزينب بنت أبي سلمة، وطائفة. وعن مروان بن الحكم، وعُبيد الله بن أبي رافع، وسعيد بن المسيّب، وسعيد بن مرجانة، وذَكوان مولى عائشة، وعمرو بن عثمان بن عفّان، وليس بالمُكثِر من الرواية.
حدَّث عنه: أولاده: أبو جعفر محمّد، وعُمر، وزيد المقتول، وعبدالله، والزُّهري، وعمرو بن دينار، والحَكَم بن عُتيبة، وزيد بن أسلم، ويحيى بن سعيد، وأبو الزِّناد، وعليّ بن جُدعان، ومسلم البَطِين، وحبيب ابن أبي ثابت، وعاصم بن عبيدالله، وعاصم بن عمر بن قتادة بن النُّعمان، وأبوه عمر، والقعقاع بن حكيم، وأبو الأسود يتيم عروة، وهشام بن عروة، وأبو الزبير المكّي، وأبو حازم الأعرج، وعبدالله بن مسلم بن هرمز، ومحمد بن الفرات التميمي، والمِنهال بن عمرو، وخَلْقٌ سواهم.
وقد حدَّث عنه أبو سلمة، وطاووس، وهما من طبقته.
قال ابن سعد: هو عليّ الأصغر، وأمّا أخوه عليّ الأكبر، فقُتِل مع أبيه بكربلاء (21) . وكان عليّ بن الحسين ثِقَةً، مأموناً، كثير الحديث عالياً، رفيعاً، ورِعاً (22) .
روى ابن عُيينة، عن الزُّهري، قال: ما رأيت قُرشيّاً أفضل من عليّ بن الحسين (23) .
وقيل: إنّ عمر بن سعد قال يوم كربلاء: لا تعرِّضُوا لهذا المريض - يعني عليّاً.
ابنُ وَهْب: عن مالك، قال: كان عُبيد الله بن عبدالله من العلماء، وكان إذا دخل في صلاته، فقعد إليه إنسان، لم يُقبِل عليه حتّى يفرُغ، وإنَّ عليّ بن الحسين كان من أهل الفضل، وكان يأتيه، فيجلسُ إليه، فيطوِّل عُبيد الله في صلاته، ولا يلتفت إليه، فقيل له: عليٌّ وهو ممّن هو منه! فقال: لابُدَّ لمَن طلب هذا الأمر أن يُعنّى به.