20
السعى
الخلفيّة التاريخيّة للسعي
السعي في الحجّ يرمز إلى قصّة هاجر وإسماعيل (عليهما السلام) ، وقصّتهما معروفة عندما تركهما إبراهيم (ع) بواد قفر غير ذي زرع، وترك عندهما قليلاً من الماء والطعام.
فلمّا نفذ ما كان عندهما من الماء غلب الظمأ على إسماعيل وخافت اُمّه هاجر عليه من الهلاك فبدأت تسعى جاهدةً تبحث له عن ماء، من الصفا إلى المروة وبالعكس؛ تنظر إلى الاُفق البعيد تبحث لطفلها عن الماء، حتّى إذا كانت في الشوط السابع من سعيها بين الصفا والمروة ألقت من المروة نظرة إلى حيث يقع بئر زمزم اليوم بالقرب من موقع المسجد الحرام فوجدت الماء يتفجّر من تحت قدم الطفل، فتركت سعيها، وهرولت نحو إسماعيل تسقيه، وتلملم الماء لئلاّ يذهب هدراً في الأرض القفر، وتقول: زم زم.
وقد سجّل الله تعالى سعي هذه المرأة الصالحة اُمّ إسماعيل يومئذ إلى الماء لإنقاذ رضيعها في ذاكرة التاريخ، وجعل من سعيها منسكاً من مناسك الحجّ.
معنى السعي
إذن (السعي) في الحجّ يرمز إلى مسألة أساسيّة في حياة الإنسان؛ وهي حركة الإنسان في الدُّنيا سعياً من وراء الرزق في الدُّنيا، أو رضوان الله ورحمته في الآخرة.
وسعي هاجر من هذا السعي، وسعي المريض إلى الطبيب، والتلميذ إلى المعلّم، والعامل في العمل، والفلاّح في المزرعة، والتاجر في السوق، من هذا السعي، ومن ذلك سعي الإنسان إلى اكتساب رضوان الله ورحمته في الآخرة وَمَنْ أَرَادَ الاْخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً (2) .
وعلى نحو الاختصار: السعي كلّ حركة هادفة تؤمِّن للإنسان حاجاته، وهذه الحاجات قد تكون في الدُّنيا، وقد تكون في الآخرة.
وللإنسان حاجات كثيرة في الدُّنيا فهو يحتاج إلى أن يؤمِّن لنفسه رزقه واستقراره وراحته وأمنه وكرامته وشهواته وغرائزه في الدُّنيا.
وقد يكون ذلك بالسعي الحلال، وقد يكون ذلك بالسعي الحرام. . . يقول تعالى: إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (3) ؛ وهو إشارة إلى تنوّع سعي الإنسان في الدُّنيا من السعي الحلال والحرام، والسعي الصحيح والباطل.
وللإنسان حاجات للآخرة، يسعى لها في الدُّنيا من غفران الله ورحمته ورضوانه ونعيمه في الجنّة.
دروس من سعي اُمّ إسماعيل (عليهما السلام)
في الوادي القفر
المشاهد الثلاثة لقصّة إبراهيم7 وهاجر3 والدروس الثلاثة:
سعي هاجر، اُمّ إسماعيل، في الواد القفر، مشهد واحد من ثلاثة مشاهد من قصّة هجرة إبراهيم (ع) بهاجر، وإسماعيل إلى الحجاز، بواد غير ذي زرع إلى موضع البيت الحرام اليوم.