18قال له: أدخلتَ الميقات وصلّيت ركعتى الإحرام ولبّيت؟ قال: نعم. قال: فحين دخلت الميقات نويت أنّك بنيّة الزيارة؟ قال: لا. قال: فحين صلّيت الركعتين نويت أنّك تقرّبت إلى الله بخير الأعمال من الصلاة وأكبر حسنات العباد؟ قال: لا. قال: فحين لبّيت نويت أنّك نطقت لله سبحانه بكلّ طاعة وصمت عن كلّ معصية؟ قال: لا. قال (ع) له: ما دخلت الميقات ولا صلّيت ولا لبّيت.
ثمّ قال له: أدخلتَ الحرم ورأيت الكعبة وصلّيت؟ قال: نعم. قال: فحين دخلت الحرم نويت أنك حرّمت على نفسك كلّ غيبة تستغيبها المسلمين من أهل ملّة الإسلام؟ قال: لا. قال: فحين وصلت مكّة نويت بقلبك أنّك قصدت الله؟ قال: لا. قال (ع) : فما دخلت الحرم، ولا رأيت الكعبة، ولا صلّيت.
ثمّ قال: طفتَ بالبيت ومسست الأركان وسعيت؟ قال: نعم. قال (ع) : فحين سعيت نويت أنّك هربت إلى الله وعرف منك ذلك علاّم الغيوب؟ قال: لا. قال: فما طفت بالبيت، ولا مسست الأركان، ولا سعيت.
ثمّ قال له: صافحت الحجر ووقفت بمقام إبراهيم (ع) وصلّيت به ركعتين؟ قال: نعم. فصاح (ع) صيحةً كاد يفارق الدُّنيا. ثمّ قال: آه آه. ثمّ قال (ع) : مَنْ صافح الحجر الأسود فقد صافح الله تعالى، فانظر يا مسكين لا تضيّع أجر ما عظم حرمته وتنقض المصافحة بالمخالفة وقبض الحرام نظير أهل الآثام.
ثمّ قال (ع) : نويت حين وقفت عند مقام إبراهيم (ع) أنّك وقفت على كلّ طاعة وتخلّفت عن كلّ معصية؟ قال: لا. قال: فحين صلّيت فيه ركعتين نويت أنّك صلّيت بصلاة إبراهيم (ع) وأرغمت بصلاتك أنف الشيطان؟ قال: لا. قال له: فما صافحت الحجر الأسود، ولا وقفت عند المقام، ولا صلّيت فيه ركعتين.
ثمّ قال (ع) له: أشرفتَ على بئر زمزم وشربت من مائها؟ قال: نعم. قال: نويت أنّك أشرفت على الطاعة وغضضت طرفك عن المعصية؟ قال: لا. قال (ع) : فما أشرفت عليها، ولا شربت من مائها.
ثمّ قال (ع) له: أسعيتَ بين الصفا والمروة ومشيت وتردّدت بينهما؟ قال: نعم. قال له: نويت أنّك بين الرجاء والخوف؟ قال: لا. قال: فما سعيت، ولا مشيت، ولا تردّدت بين الصفا والمروة.
ثمّ قال: أخرجتَ إلى منى؟ قال: نعم. قال: نويت أنّك آمنت الناس من لسانك وقلبك ويدك؟ قال: لا. قال: فما خرجت إلى منى.
ثمّ قال له: أوقفتَ الوقفة بعَرفة وطلعت جبل الرحمة وعرفت وادى نمرة ودعوت الله سبحانه عند الميل والجمرات؟ قال: نعم. قال: هل عرفت بموقفك بعرفة معرفة الله سبحانه أمر المعارف والعلوم وعرفت قبض الله على صحيفتك واطّلاعه على سريرتك وقلبك؟ قال: لا. قال: نويت بطلوعك جبل الرحمة أنّ الله يرحم كلّ مؤمن ومؤمنة ويتولّى كلّ مسلم ومسلمة؟ قال: لا. قال: فنويت عند نمرة أنّك لا تأمر حتّى تأتمر ولا تزجر حتّى تنزجر؟ قال: لا. قال: فعندما وقفت عند العلم والنمرات نويت أنّها شاهدة لك على الطاعات حافظة لك مع الحفظة بأمر ربّ السماوات؟ قال: لا. قال: فما وقفت بعرفة، ولا طلعت جبل الرحمة، ولا عرفت نمرة، ولا دعوت، ولا وقفت عند النمرات.
ثمّ قال: مررت بين العلمين وصلّيت قبل مرورك ركعتين ومشيت بمزدلفة ولقطت فيها الحصى ومررت بالمشعر الحرام؟ قال: نعم. قال: فحين صلّيت ركعتين نويت أنّها صلاة شكر فى ليلة عشر تنفى كلّ عسر وتيسّر كلّ يُسر؟ قال: لا. قال: فعندما مشيت بين العلمين ولم تعدل عنهما يميناً وشمالاً نويت أن لا تعدل عن دين الحقّ يميناً وشمالاً لا بقلبك ولا بلسانك ولا بجوارحك؟ قال: لا. قال: فعندما مشيت بمزدلفة ولقطت منها الحصى نويت أنّك رفعت عنك كلّ معصية وجهل وثبت كلّ علم وعمل؟ قال: لا. قال: فعندما مررت بالمشعر الحرام نويت أنّك أشعرتَ قلبك إشعار أهل التقوى والخوف لله عزّ وجلّ؟ قال: لا. قال: فما مررت بالعلمين، ولا صلّيت ركعتين، ولا مشيت بالمزدلفة، ولا رفعت منها الحصى، ولا مررت بالمشعر الحرام.
ثمّ قال له: وصلتَ منى ورميت الجمرة، وحلقت رأسك، وذبحت هديك، وصلّيت فى مسجد الخيف، ورجعت إلى مكّة وطفت طواف الإفاضة؟ قال: نعم. قال: فنويت عندما وصلت منى ورميت الجمار أنّك بلغت إلى مطلبك وقد قضى ربّك لك كلّ حاجتك؟ قال: لا. قال: فعندما رميت الجمار نويت أنّك رميت عدوّك إبليس وغضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا. قال: فعندما حلقت رأسك نويت أنّك تطهّرت من الأدناس ومن تبعة بنى آدم وخرجت من الذنوب كما ولدتك اُمّك؟ قال: لا. قال: فعندما صلّيت فى مسجد الخيف نويت أنّك لا تخاف إلاّ الله عزّ وجلّ وذنبك ولا ترجو إلا رحمة الله تعالى؟ قال: لا. قال: فعندما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسّكت به من حقيقة الورع، وأنّك اتّبعت سنّة إبراهيم (ع) بذبح ولده وثمرة فؤاده وريحان قلبه وحاجه (ظ أحييت) سنّته لمَن بعده وقربةً إلى الله تعالى لمَن خلفه؟ قال: لا. قال: فعندما رجعت إلى مكّة وطفت طواف الإفاضة نويت أنّك أفضت من رحمة الله تعالى ورجعت إلى طاعته وتمسّكت بودّه وأدّيت فرائضه وتقرّبت إلى الله تعالى؟ قال: لا. قال له زين العابدين (ع) : فما وصلت منى، ولا رميت الجمار، ولا حلقت رأسك، ولا أدّيت نسكك، ولا صلّيت فى مسجد الخيف، ولا طفت طواف الإفاضة، ولا تقرّبت. ارجع; فإنّك لم تحجّ.
فطفق الشبلى يبكى على ما فرّطه فى حجّه وما زال يتعلّم حتّى حجّ من قابل بمعرفة ويقين.
45) الكافى 2: 84.
46) المصدر نفسه: 352.