110فإن قيل: هذه التكبيرات مضافة إلى الأيام المعدودات وهي أيام التشريق، فوجب أن لا تكون مشروعة يوم عرفة.
قلنا والقول للرازي -: فهذا يقتضي أن لا يكبر يوم النحر وهو باطل بالإجماع، وأيضاً لما كان الأغلب في هذه المدة أيام التشريق؛ صح أن يضاف التكبير إليها.
الموضع الثاني: قال الشافعي رضي الله عنه: المستحب في التكبيرات أن تكون ثلاثاً نسقاً أي متتابعاً، وهو قول مالك، وقال أبوحنيفة وأحمد: يكبر مرتين، حجة الشافعي ما روى عبد الله بن محمد بن أبي بكر بن عمرو بن حزم، قال: رأيت الأئمة يكبرون في أيام التشريق بعد الصلاة ثلاثاً، ولأنه زيادة في التكبير، فكان أولى لقوله تعالى:
اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً
ثم قال الشافعي رضي الله عنه: ويقول بعد الثلاث: «لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد» ثم قال: وما زاد من ذكر الله فهو حسن، وقال في التلبية: وأحب أن لا يزيد على تلبية رسول الله (ص) ، والفرق أن من سنة التلبية التكرار فتكرارها أولى من ضم الزيادة إليها، وههنا يكبر مرة واحدة فتكون الزيادة أولى من السكوت، وأما التكبير على الجمار فقد روي أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يكبر مع كل حصاة، فينبغي أن يفعل ذلك (17) .
وأما ابن عطية (546 ه) ، فيقول ذاكراً أقوال آخرين:
وجعل الله الأيام المعدودات أيام ذكر الله، وقد قال النبي (ص) : «هي أيام أكل وشرب وذكر الله» . ومن جملة الذكر التكبير في إثر الصلوات، واختلف في طرفي مدة التكبير: فقال عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وابن عباس: يكبر من صلاة الصبح من يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.
وقال ابن مسعود وأبو حنيفة: يكبر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من يوم النحر.
وقال يحيى بن سعيد: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر من آخر يوم التشريق.
وقال مالك: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الصبح من آخر أيام التشريق، وبه قال الشافعي. وقال ابن شهاب: يكبر من الظهر يوم النحر إلى العصر من آخر أيام التشريق.
وقال سعيد بن جبير: يكبر من الظهر يوم عرفة إلى العصر من آخر أيام التشريق.
وقال الحسن بن أبي الحسن: يكبر من صلاة الظهر يوم النحر إلى صلاة الظهر يوم النفر الأول.
وقال أبو وائل: يكبر من صلاة الظهر يوم عرفة إلى صلاة الظهر يوم النحر.
ومشهور مذهب مالك أنه يكبر إثر كل صلاة ثلاث تكبيرات، وفي المذهب رواية أنه يقال بعد التكبيرات الثلاث: لا إله إلا الله والله أكبر ولله الحمد. (18)
ويقول الآلوسي (1270ه) :
(وَاذْكُرُواْ اللهَ) أي كبروه إدبار الصلوات وعند ذبح القرابين ورمي الجمار وغيرها. (19)
المقطع الثاني: أيام معدودات
هناك اهتمام أكيد من الدين الإسلامي الحنيف ببعض الأيام، وأفردها عن غيرها بخصائص معينة، تميزها عن غيرها من الأيام، فالأيام المعلومات هي العشر الأولى من شهر ذي الحجة، وفيها يوم التروية ويوم عرفة واليوم الأول من عيد الأضحى ويسمى يوم النحر.