33ثمّ قال: و رواه أيضاً عن حمّاد بن عثمان، عن أبان، عن ابن أبييعفور مثله، وزاد فيه:«وهم يد على من سواهم» . وذكر في حديثه أنّه خطب في حجّة الوداع بمنى في مسجد الخيف. 1
ورواها الشيخ أبو عبدالله المفيد في الأمالي بسند آخر ذكره عن الإمام الصادق(ع) أنّه قال:
«خطب رسول الله يوم منى فقال...إلى آخره» 2.
ورواها أيضاً الشيخ الصدوق عن محمّد بن موسى بن المتوكّل قال: حدّثنا علي بن الحسين السعد آبادي قال: حدّثنا أحمد بن محمّد بن خالد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر البزنطي، عن حمّاد بن عثمان، عن أبي عبدالله(ع) ، ورواها بسند آخر في الخصال 3، و أيضاً وردت في جمهرة خطب العرب 4.
ورواها ابن ماجة في السنن بسند ذكره عن جبير بن مطعم 5، أنّه قال: قام رسول الله(ص) بالخيف من منى فقال: «نضّر الله إلى أن قال فإنّ دعوتهم تحيط من ورائهم» . وأمّا صدر الحديث فقط، فقد ذكره في ضمن أحاديث متعدّدة 6.
وقال الفيروز آبادي: رجع(ص) إلى منزله بالقرب من مسجد الخيف، و خطب خطبة بليغة، بلغ صوته إلى جميع أهل الخيام في خيامهم، و هذا من جملة المعجزات النبويّة 7.
وفي سنن أبي داود بسنده عن عبدالرحمن بن معاذ التيمي قال: خطبنا رسول الله(ص) و نحن بمنى ففتحت أسماعنا، حتّى كنّا نسمع ما يقول و نحن في منازلنا، فطفق يعلّمهم مناسكهم حتّى بلغ الجمار، فوضع إصبعيه السبّابتين، ثمّ قال: بحصى الخذف، ثمّ أمر المهاجرين فنزلوا في مقدّم المسجد، و أمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد، ثمّ نزل الناس بعد ذلك 8.
وفي الكافي عن محمّد بن الحسن، عن بعض أصحابنا، عن عليّ بن الحكم، عن الحكم بن مسكين، عن رجل من قريش من أهل مكّة قال: قال سفيان الثوري: اذهب بنا إلى جعفر بن محمّد(ع) قال: فذهبت معه إليه، فوجدناه قد ركب دابّته، فقال له سفيان: يا أبا عبدالله حدّثنا بحديث خطبة رسول الله(ص) في مسجد الخيف، قال: دعني حتّى أذهب في حاجتي فإنّي قد ركبت فإذا جئت حدّثتك، فقال: أسألك بقرابتك من رسول الله(ص) لمّا حدّثتني، قال: فنزل، فقال له سفيان: مُر لي بدواة و قرطاس حتّى أثبته، فدعا به ثمّ قال: اكتب:
بسم الله الرحمن الرحيم . خطبة رسول الله(ص) في مسجد الخيف: «نضّر الله عبداً سمع مقالتي فوعاها، و بلّغها من لم تبلغه، يا أيّها الناس! ليبلّغ الشاهد الغائب، فربّ حامل فقهٍ ليس بفقيه، و ربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغلّ عليهنّ قلب امرئ مسلم: إخلاص العمل لله، و النصيحة لأئمّة المسلمين، و اللزوم لجماعتهم، فإنّ دعوتهم محيطة من ورائهم، المؤمنون إخوة تتكافأ دماؤهم، و هم يد على من سواهم، يسعى بذمّتهم أدناهم».
فكتبه سفيان ثمّ عرضه عليه، وركب أبو عبدالله(ع) . 9
و قد ذكر القمّي هذه الخطبة المباركة وزاد في آخرها: و صيّة النبي(ص) في التمسّك بالثقلين 10، وليس ببعيد؛ لأنّه قد أمر المسلمين بالتمسّك بالثقلين مرّات عديدة و في مواطن شتّى.
6- خطبة رسول الله(ص) عند الكعبة
عندما قضى رسول الله(ص) حجّته أتى مودِّعاً للكعبة الشريفة، فلزم حلقة الباب و نادى:
أيّها الناس! فاجتمع من في المسجد الحرام و من في السوق حوله، فخطب هذه الخطبة البليغة و ذكر الفتن التي تحدث بعده و الفساد الذي يتعرّض له الناس في أخلاقهم و أعمالهم و عقائدهم، و تحقّق أشراط الساعة.
وجدير بالذكر أنّ لهذه الخطبة المباركة روايات متعدّدة مختلفة فيما بينها في بعض الألفاظ، و مشتركة في الأكثر . فقد روى السيوطي في الدرّ المنثور ذيل الآية الكريمة: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّٰاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جٰاءَ أَشْرٰاطُهٰا 11 وقال: أخرج ابن مردويه، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: حجّ النبي حجّة الوداع ثمّ أخذ بحلقة باب الكعبة فقال: أيّها الناس ألا أخبركم بأشراط الساعة إلى آخره 12.
ورواها أيضاً محيي الدِّين ابن العربي في محاضرة الأبرار و مسامرة الأخيار مرسلاً عن عبدالله بن عبّاس، عن النبي(ص) 13.
وأمّا في كتب الشيعة الإماميّة فرويت في جامع الأخبار مرسلة عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنّه قال: حججت مع رسول الله(ص) حجّة الوداع، فلمّا قضى النبي(ص) ما افترض عليه من الحجّ أتى مودِّعاً الكعبة، فلزم حلقة الباب و نادى برفيع صوته: أيّها الناس! فاجتمع أهل المسجد و أهل السوق، فقال: اسمعوا إنّي قائل ما هو بعدي كائن.. . إلى آخره 14.
وجاء في تفسير القمي في ذيل الآية المباركة: فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السّٰاعَةَ قال: حدّثني أبي، عن سليمان بن مسلم بن الخشّاب، عن عبدالله بن جريج المكّي، عن عطاء بن أبي رباح، عن عبدالله بن عبّاس قال: حججنا مع رسول الله(ص) حجّة الوداع فأخذ بحلقة باب الكعبة، ثمّ أقبل علينا بوجهه، فقال:
«ألا أُخبركم بأشراط الساعة؟» و كان أدنى الناس منه يومئذٍ سلمان رحمة الله عليه، فقال: بلى يا رسول الله!