28
2- كلماته(ص) في يوم عرفة
وردت لرسول الله(ص) كلمات وأحاديث كثيرةخلال تواجده في يوم عرفة (التاسع من ذيالحجة) في عرفات نذكر منها:
1- جاء في تهذيب الأحكام بسنده عن سعد بن عبدالله، عن محمّد بن الحسين بن أبي الخطّاب، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن محمّد بن سماعة الصيرفي، عن سماعة بن مهران، عن أبي عبدالله جعفر بن محمد الصادق (ع) قال:«.. . إنّ رسول الله(ص) وقف بعرفات فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته، يقفون إلى جانبها، فنحّاها رسولالله(ص) ، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس! إنّه ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كلّه موقف، و أشار بيده إلى الموقف و قال: هذا كلّه موقف، فتفرّق الناس، و فعل ذلك بالمزدلفة...» 1.
2- و في صحيحة معاوية بن عمّار عن الإمام الصادق(ع) أنّه قال:« ثمّ غدا(ص) و الناس معه و كانت قريش تفيض من المزدلفة و هي جَمْع 2 و يمنعون الناس أن يفيضوا منها، فأقبل رسول الله(ص) و قريش ترجو أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون، فأنزل الله تعالى عليه: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفٰاضَ النّٰاسُ وَ اسْتَغْفِرُوا اللّٰهَ 3 يعني إبراهيم وإسماعيل وإسحاق: في إفاضتهم منها ومن كان بعدهم . فلمّا رأت قريش أنّ قبّة رسول الله(ص) قد مضت كأنّه دخل في أنفسهم شيء للذي كانوا يرجون من الإفاضة من مكانهم، حتّى انتهى إلى نمرة و هي بطن عرنة بحيال الأراك فضرب قبّته، وضرب أخبيتهم عندها، فلمّا زالت الشمس خرج رسول الله(ص) و معه قريش، و قد اغتسل و قطع التلبية حتّى وقف بالمسجد، فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم، ثمّ صلّى الظهرو العصر بأذان و إقامتين، ثمّ مضى إلى الموقف به، فجعل الناس يبتدرون أخفاف ناقته يقفون إلى جنبها فنحاها، ففعلوا مثل ذلك، فقال: أيّها الناس! ليس موضع أخفاف ناقتي بالموقف، ولكن هذا كلّه و أومأ بيده إلى الموقف فتفرّق الناس، و فعل مثل ذلك بمزدلفة، فوقف الناس حتّى وقع القرص قرص الشمس ثمّ أفاض وأمر الناس بالدّعة حتّى انتهى إلى المزدلفة» 4.
3- وفي الكافي عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، و محمّد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، عن ابن أبي عمير و صفوان بن يحيى، عن معاوية بن عمّار، عن الإمام جعفر الصادق(ع) ، مثله 5.
4- و في رواية جابر في صحيح مسلم: و أمر بقبّة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله(ص) و لا تشكّ قريش إلاّ أنّه واقف عند المشعر الحرام، كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله(ص) حتّى أتى عرفة، فوجد القبّة قد ضُربت له بنمرة، فنزل بها حتّى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء، فرحلت له فأتى بطن الوادي، فخطب الناس.. . ثمّ أذّن ثمّ أقام فصلّى الظهر، ثمّ أقام فصلّى العصر، و لم يصلِّ بينهما شيئاً، ثمّ ركب رسول الله(ص) حتّى أتى الموقف، فجعل بطن ناقته القصواء إلى الصخرات، و جعل حبل المشاة بين يديه 6 واستقبل القبلة، فلم يزل واقفاً حتّى غربت الشمس و ذهبت الصفرة قليلاً حتّى غاب القرص، و أردف أسامة خلفه و دفع رسول الله(ص) 7.
5- و روى الشيخ الطوسي عن جماعة عن أبي المفضل عن عبدالله بن إسحاق بن إبراهيم بن حمّاد الخطيب المدائني قال: حدّثنا عثمان بن عبدالله بن عمرو بن عثمان قال: حدّثنا عبدالله بن لهيعة، عن أبي الزبير، قال: سمعت جابر بن عبدالله يقول: بينا النبيُّ بعرفات، و عليّ (ع) تجاهه، و نحن معه، إذ أومأ النبي(ص) إلى علي(ع) فقال: ادن منّي يا عليُّ، فدنا منه، فقال: ضع خمسك يعني كفّك في كفّي، فأخذ بكفّه، فقال: يا عليّ! خلقت أنا و أنت من شجرة، أنا أصلها، و أنت فرعها، و الحسن و الحسين أغصانها، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله الله الجنّة برحمته 8.
6- روى الشيخ الطوسي بإسناده عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنّ رسول الله(ص) ألقى كلمة بعرفة، و إن كانت هذه الكلمة جاءت في خطبته المشهورة بالإجمال، لكن ننقلها تأكيداً و تكميلاً .
ثمّ روى أيضاً رواية أُخرى تؤكد أنّ هذه الكلمة أُلقيت بمنى: أخبرنا جماعة، عن أبي المفضّل قال: أخبرنا أبو جعفر محمّد بن جرير الطبري قراءةً، و عليّ بن محمّد بن الحسن بن كاس النخعي و اللفظ له قالا: حدّثنا أحمد بن يحيى بن زكريا الأودي الصوفي قال: حدّثنا حسن بن حسين يعني العرني قال: حدّثني يحيى بن يعلى، عن عبدالله بن موسى التيمي، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله الأنصاري قال: سمعت رسول الله(ص) في حجّة الوداع و ركبتي تمسّ ركبته يقول:«لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض، أما إن فعلتم لتعرفنّي في ناحية الصف» 9.
7 - وروى البيهقي بسند ذكره عن عبد الرحمن بن يعمر الدّيلي قال: أتيت رسول الله(ص) و هو بعرفات، فأتاه نفر من أصحابه فأمروا رجلاً فنادى: يا رسول الله! كيف الحجّ ؟ كيف الحجّ؟ قال: فأمر رجلاً فنادى: الحجّ يوم عرفة، من جاء قبل صلاة الصبح من ليلة جمع فقد تمّ حجّه، أيّام منى ثلاثة: فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاٰ إِثْمَ عَلَيْهِ 10 ثمّ أردف رجلاً من خلفه فنادى بذلك 11.
3- خطبة رسول الله (ص) يوم عرفة
في الضحى من اليوم التاسع استقرّ رسول الله(ص) في قبّته التي ضُرِبت له بنمرة قرب عرفات، و قد اغتسل و تهيّأ لأداء أعمال هذا اليوم، و بعد أن زالت الشمس خرج رسول الله(ص) من خيمته و توجّه ليخطب في الناس.
ففي صحيحة معاوية بن عمّار الطويلة عن الإمام الصادق(ع) بما يتعلّق بمناسك حج رسول الله(ص) وردت إشارة إلى هذه الخطبة، فقد قال(ع) : فوعظ الناس و أمرهم و نهاهم (و لم يذكر متن الخطبة) 12.
وقد وردت هذه الخطبة مختصرة في صحيح مسلم و مصادر أُخرى حسب رواية جابر الطويلة 13.
إنّ هذه الخطبة هي المشهورة والمعروفة في كتب الفريقين، وفي عالم الأدب لها شأن عظيم، لجزالة ألفاظها، و عظم معانيها.