118ويخوض غمار معركة ضارية ضد جند الشام ومعاوية يقدمهم ، فعن أبي سعيد الخدري قال: .. . كنا نعمر المسجد وكنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين، فرآه النبي(ص) فجعل ينفض التراب عنه [عن رأس عمار خ ل] ويقول: [يا عمار] ألا تحمل كما يحمل أصحابك؟
قال: إني أريد الأجر من الله تعالى.
قال: فجعل ينفض التراب عنه ويقول: ويحك تقتلك الفئة الباغية، تدعوهم إلى الجنة ويدعونك إلى النار.
قال عمار: أعوذ بالرحمن - أظنه قال -: من الفتن 1.
ولأن أبا سعيد الخدري(رضى الله عنه) كان قوالاً بالحق لا يخاف في الله لومة لائم، كان لا يضنّ بكلمة نصح حتى للظالمين أو كلمة حق يقولها في ساحتهم وفي بلاطهم، ومن مواقفه وأقواله التي هي مصداق لهذا :
موقفه من معاوية زعيم الفئة الباغية التي قتلت الصحابي الكبير عمار بن ياسر رضوان الله تعالى عليه فقد ذهب إلى معاوية بن أبي سفيان ليوصل إليه صوت الحق ولا يخاف لومة لائم، قال شعبة عن أبي سلمة: سمعت أبا نضرة عن أبي سعيد رفعه: لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه . وفي رواية: إذا شهده أو علمه . وقال أبو سعيد: فحملني ذلك على أن ركبت إلى معاوية فملأت أذنيه ثم رجعت . وفي رواية أخرى: دخل أبو سعيد الخدري على معاوية فسلم ثم جلس فقال : الحمد لله الذي أجلسني منك هذا المجلس، سمعت رسول الله(ص) يقول : «لا يمنعن أحدكم، إذا رأى الحق أن يقول به»، وإنه بلغني عنك يا معاوية كذا وكذا ، وفعلت كذا وكذا . فعدد عليه أشياء من فعاله ومما بلغه عنه . فقال له معاوية : أفرغت ؟ قال : نعم . قال : فانصرف . فخرج أبو سعيد من عنده وهو يقول : الحمدلله، الحمد لله.
موقفه من مروان بن الحكم : كان له موقف من الرجل الذي أنكر على مروان بن الحكم تقديم خطبة العيد على الصلاة ، يشهد بذلك، فلم يكتف أبو سعيد الخدري بتعضيده ، بل أنكر بيده حيث جذب مروان محاولاً منعه من صعود المنبر لأداء الخطبة قبل الصلاة ، غير أن مروان تغلب عليه وصعد المنبر وخطب قبل الصلاة ، كما جاء ذلك في صحيح مسلم.
ولم يكتف أبو سعيد الخدري بتعضيد الذي أنكر على مروان بل أنكر أبو سعيد الخدري على مروان بن الحكم تقديم الخطبة على الصلاة ولم يكتف أبو سعيد بالإنكار باللسان، بل أنكر بيده؛ حيث جذب مروان محاولاً منعه من صعود المنبر لأداء الخطبة قبل الصلاة، وكانا قد جاءا معاً، غير أن مروان تغلب عليه وصعد المنبر وخطب قبل الصلاة، كما جاء ذلك فى الصحيحين 2.
ما حدث له في واقعة الحرة
. . في مدينة رسول الله(ص) وبعد أن أباحها مسلم بن عقبة ثلاثاً يقتلون الناس ويأخذون الأموال ، فأفزع ذلك من كان بها من الصحابة ، فخرج أبو سعيد الخدري حتى دخل في كهف في الجبل ، فبصر به رجل من أهل الشام، فجاء حتى اقتحم عليه الغار . قال أبو مخنف : فحدثني الحسن بن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري، قال : دخل إليّ الشامي يمشي بسيفه، قال : فانتضيت سيفي فمشيت إاليه لأرعبه لعلّه ينصرف عني ، فأبى إلا الإقدام علي ، فلما رأيت أن قد جد شمت سيفي ثم قلت له :
@@@لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي ما أَنَا بِباسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَِقْتُلَكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ@@ 3
فقال لي : من أنت لله أبوك ! فقلت : أنا أبو سعيد الخدري ، قال : صاحب رسول الله(ص) ؟ قلت : نعم ، فانصرف عني 4.
ومن طريق يزيد بن عبد الله بن الشخير، قال: خرج أبو سعيد يوم الحرة فدخل غاراً فدخل عليه شامي فقال: أخرج . فقال: لا أخرج وإن تدخل علي أقتلك فدخل عليه فوضع أبو سعيد السيف وقال: بؤ بإثمك قال: أنت أبوسعيد الخدري؟ قال: نعم . قال : فأستغفر لي.
وتعرض للضرب والاعتداء على يد جيش يزيد بن معاوية بعد واقعة الحرة . . يقول عن ذلك : لزمت بيتي ليالي الحرة فلم أخرج ، فدخل عليّ نفر من أهل الشام فقالوا : أيها الشيخ! أخرج ما عندك . فقلت: ما عندي مال . قال : فنتفوا لحيتي وضربوني ضربات ، ثم عمدوا إلى بيتي فجعلوا ينقلون ما خفّ لهم من المتاع ، حتى أنهم عمدوا إلى الوسادة والفراش فينفضون صوفهما ويأخذون الظرف ، حتى لقد رأيت بعضهم أخذ زوج حمام كان في البيت ، ثم خرجوا 5.
مما قاله علماء الرجال في توثيقه وعلمه واستقامته
الخدري والذي كان أحد الثابتين فكرياً على معرفة الحق ، وأحد الراسخين فى دعم الحقيقة، له في كتب الرجال مكانة مرموقة واحتل منزلة كبيرة في أقوالهم ، ونحن هنا نتطرق باختصار إلى ما تيسر لنا من كل ذلك.
و قبل أن نذكر أقوال العلماء فيه نذكر ما قاله الإمام الصادق(ع) عنه حيث ذكره بتبجيل وتكريم ، ونصّ على استقامته في طريق الحق : «كان من أصحاب رسول الله(ص) ، وكان مستقيماً ».