19
مدح القرآن للاتحاد وذمّه للانشطار والتشظي
كلّما وصل القرآن الكريم إلى الحديث عن الوحدة والاتحاد أردفه بمدحهما، وكلّما مرّ بالحديث عن الاختلاف والانقسام ذمّهما، يقول في الاتحاد: وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللّٰهِ جَمِيعاً وَ لاٰ تَفَرَّقُوا ، 1 ولتحقيق هذا الاتحاد اعتبر القرآن المؤمنين إخوةً فيما بينهم، فقال: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ 2، وفي الحقيقة فإنّ أقرب علاقة بين شخصين من مستوى واحد هي علاقة الأخوة، لهذا اعتبر المؤمنون إخوة، فعلاقة الأبوة والبنوة رغم كونها أقوى من علاقة الأخوة إلا أنّ طرفي هذه العلاقة ليسا بمستوى واحد، لهذا لم يوظف القرآن هذه العلاقة، وإنما استعاض عنها بعلاقة الأخوة.
أما لدى حديثه عن الفرقة والانقسام، فنجده يقول: قُلْ هُوَ الْقٰادِرُ عَلىٰ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذٰاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيٰاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ 3؛ فقد عرضت هذه الآية المباركة ثلاثة أنواع من العذاب هي:
1- العذاب من فوق، كحجارة السماء أو الصاعقة التي تحرق مدينةً كاملة.
2- العذاب من أسفل، كالزلزلة المدمرة والبراكين.
3- عذاب الأمة الواحدة التي تتشتت إلى فرق مختلفة تعزف كل واحدةٍ منها على منوال خاصّ بها، وهذا العذاب أسوأ من العذابين السابقين، بشهادة أنه بعد ذكر العذاب الثالث المشؤوم يذكر نتيجته ألا وهي تعذيب كل واحدٍ بالآخر.
وأُنهي هذا القسم من الموضوع