99والحجّ وكان خرج على خروج العرب الأوّل، لأنّ العرب كانت لا تعرف إلاّ الحجّ، وهو في ذلك ينتظر أمر الله تعالى، وهو يقول(ع):
الناس على أمر جاهليّتهم إلاّ ما غيّره الإسلام، وكانوا لا يرون العمرة في أشهر الحجّ فشقّ على أصحابه حين قال: اجعلوها عمرة؛ لأنّهم كانوا لا يعرفون العمرة في أشهر الحجّ. وهذا الكلام من رسول الله(ص) إنّما كان في الوقت الذي أمرهم فيه بفسخ الحجّ فقال: دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة وشبّك بين أصابعه» 1.
وممّا يجدر التأكيد في ختام هذا المقام، أنّ أفضليّة حجّ التمتّع عند الشيعة كان مستنداً قطعاً إلى رأي الأئمّة(عليهم السلام) ، وقد أثّر أيضاً في توجيه فقه الإماميّة. فقد اعتبر أئمّة المذهب وخصوصاً الصادقين هذا الموضوع مستنتجاً من القرآن الكريم والسنّة النبويّة وكانوا يؤكّدون دوماً عليه بكونه (أفضل أنواع الحجّ). ولذا كان شيعتهم يبادرون إلى أدائه في أجواء حكم أهل السنّة، وأيضاً كان الأئمّة(عليهم السلام) أنفسهم يؤدّونه بلا تقيّة. والأحاديث الآتية - وهي تمثِّل نموذجاً بسيطاً من الروايات الواردة بهذا الخصوص - تشير إلى موقف الأئمّة(عليهم السلام) الحازم حول أفضل أنواع الحجّ:
1 - عن أبي أيّوب إبراهيم بن عيسى قال:
سألت الإمام الصادق(ع): أيّ أنواع الحجّ أفضل؟ فقال: «التمتّع، وكيف يكون شيء أفضل منه ورسول الله(ص) يقول: لو استقبلت من أمري ما استدبرت لفعلت مثل ما فعل الناس؟!» 2.
2 - وعن حفص بن البختري وحسن بن عبد الملك، عن زرارة، عن الإمام الصادق(ع) قال:
«المتعة - والله - أفضل، وبها نزل القرآن وجرت السنّة» 3.
3 - وعن صفوان الجمّال قال: قلت لأبي عبدالله الصادق(ع): إنّ بعض الناس يقول: جرّد الحجّ، وبعض الناس يقول: اقرن وسُق، وبعض الناس يقول: تمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ فقال:
«لو حججت ألف عام لم أقرنها إلاّ متمتّعاً» 4.
4 - وعن عطية قال: قلت لأبي جعفر الباقر(ع):
أفرد الحجّ جعلت فداك سنة؟ فقال لي: «لو حججت ألفاً وألفاً لتمتّعت فلا تفرد» 5.
5 - وعن محمّد بن الفضل الهاشمي قال: دخلت مع إخوتي على أبي عبدالله الصادق(ع) فقلنا: إنّا نريد الحجّ وبعضنا صرورة؟ فقال:
«عليكم بالتمتّع فإنّا لا نتّقي في التمتّع بالعمرة إلى الحجّ سلطاناً، واجتناب المسكر، والمسح على الخفّين» 6.
6 - وعن معاوية بن عمّار قال: قال أبو عبدالله الصادق(ع):
«ما نعلم حجّاً لله غير المتعة، إنّا إذا لقينا ربنا قلنا: ربنا عملنا بكتابك وسنّة نبيك، ويقول القوم: علمنا برأينا، فيجعلنا الله وإياهم حيث يشاء» 7.