66- هناك تداخل بين فقه الفرد وفقه المجتمع، فأبسط قضايا الفردية لها بُعد اجتماعي، فأحكام الطهارة تترك أثراً على صرف المياه في الدولة الإسلاميّة لا ينبغي الاستهانة بها، يعرفها مَن يقرأ المشهد من الأعلى، لا مع هذه التجربة الفردية الجزئية أو تلك، وهذه نقطة مهمّة، يفيدنا البحث الذي نحن فيه في أحد تطبيقاتها فقط.
ولعلّ هذا هو ما قصده الإمام الخميني من أنّ تعقيدات الحياة الجديدة يجعل الموضوع الذي يبدو في نظر الفقيه للوهلة الأولى منتمياً إلى دائرة معينة.. يجعله منتمياً إلى دائرة أخرى مختلفة تماماً، عندما يكون الفقيه مطلعاً بدقة على واقع الحال في الحياة الخارجية، فما لم يكن الفقيه حاضراً في الوعي على مستوى الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.. كيف يمكنه أن يتصوّر المشهد بدقّة ليعطي حكمه الحقيقي الملامس للواقع بالنسبة للمكلّف؟!
وهذا ما يجرّنا إلى موضوع أكثر خطورةً، وهو موضوع المرجعية والتقليد؛ فالفقيه غير المطلع على تعقيدات موضوعات الأحكام في الحياة المعاصرة.. كيف يمكنه أن يكون مرجعاً في التقليد للملايين من الناس؟! وهذا بالضبط ما عناه الإمام الخميني عندما تحدّث عن عدم القبول بعد اليوم بمرجع تقليد يقول بأنه لا علاقة له بالسياسة والاجتماع والاقتصاد وتحدّيات المرحلة على مختلف الصعد؛ فمحض الأعلمية الفنّية الصناعية لا يكفي للتصدّي للمرجعية وإن كان جيداً للغاية لفقيه متضلّع يجيد تحريك القواعد وتوظيف الأصول الاجتهادية.
هذا، وقد اتّضح موضوع الترابط بين الأفعال على مستوى تحقيق موضوع حكم آخر في حقّ الطرف الثاني، أو الحيولة دون حكم آخر أو انعدام موضوع حكم آخر، في مختلف الصور؛ فلا نكرّر ولانعيد، آملين أن تكون هذه المقالة محاولة أولى لانتباه الباحثين في الفقه أكثر إلى تأثيرات الأفعال على بعضها البعض.