59الأولى: إن «أمّ القرىٰ» ليست علماً لمكّة، بل هي وصف عام لها ولغيرها من مراكز البلاد والقرىٰ قال تعالى: «وَ مٰا كٰانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرىٰ حَتّٰى يَبْعَثَ فِي أُمِّهٰا رَسُولاً» 1. هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى لما كان الغرض من الوصف والإضافة هو التمييز والتخصيص بل التعيين والتوضيح لم يناسب النسبة إلى وصف عام بل كان ذلك لغواً.
الثانية: إنّه قد أطلق الأمّي في القرآن على غير المكّي قال تعالى: «وَ قُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا الْكِتٰابَ وَ اْلأُمِّيِّينَ أَ أَسْلَمْتُمْ» 2؛ فإن المراد بالاُمّيين ما يقابل معنى أهل الكتاب، وقال تعالى: «وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لاٰ يَعْلَمُونَ الْكِتٰابَ إِلاّٰ أَمٰانِيَّ» حيث إن المراد من الأميين عوام اليهود ممن كانوا يسكنون يثرب وحواليها لا مكّة.
الثالثة: مقتضىٰ قواعد الأدب النسبة إلى المركبات تركيب إضافة هو النسبة إلى المضاف إليه بعد حذف المضاف دون العكس، فيقال في النسبة إلى أبيطالب وأم علي وبني تميم: طالبي وعلوي وتميمي، فكان المفروض على هذا أن يقال في النسبة إلى أم القرىٰ: قرويّ لا أمّي.
وهذه الشبهات كلّها مردودة. وبداراً ينبغي الاعتذار عن صاحب الإشكالات بأنّه لم يطّلع على الرواية وإلّا فالإشكال على الرواية بأمثال ما ذكر يعدّ من الغرائب. ومع الغض عن ذلك فما ذكر من وجوه القدح كلّها مردودة:
أمّا القدح الأوّل فيرد عليه: أوّلاً: أنّه لم يعلم كون أم القرىٰ وصفاً عامّاً فربما كان مشتركاً لفظياً بينه وبين غيره؛ لاحتمال وجود وضع آخر له خاص فكان علماً لمكّة بعد كونه وصفاً عامّاً. وهذا أمر شائع وليس هناك ما ينفي هذا الاحتمال بالغضّ عن الخبر.
وثانياً: لا مانع من إطلاق لفظ موضوع لمعنى على مصداق منه بالخصوص