37وهذا ما يصطلح عليه بالتواتر الإجمالي؛ فإن المعجزات لو فرض عدم تواترها بأشخاصها لفظيّاً أو معنويّاً ولكنّها متواترة إجمالاً بمعنى أنّه يمتنع تواطؤ هذا العدد الكبير على الكذب في الأمور المختلفة والمتباينة بغض النظر عن وثاقة الرواة والنقلة، فكيف مع فرض وثاقتهم وصلاحهم؟ !
هذا، مع أنّه يمكن أن يقال: إن شأن نبيّ الإسلام والقرآن وأهل بيته لدى المنصفين هو شأن يفيد الوثوق بما يخبرون به بعدما عرفوا لدى عامّة الناس بالوثاقة والأمانة حتى لمن لا يعترف لهم بالنبوة والإمامة.
وقد أسمعناك اعتماد الأنبياء - حسب حكاية القرآن - في إقناع الاُمم على كونهم اُمناء ثقات لدى الناس بغض النظر عن دعوى الرسالة التي أورثتهم التهمة.
وبناء العقلاء في مثل ذلك على الاعتماد والركون لولا التعنّت والعناد.
وعلى هذا الأساس تفيد إخبارات القرآن وأخبار نبي الإسلام والأئمة من أهل بيته العظام، الوثوق بما أخبروا به بالغض عن ضمّ أخبار سائر الأنبياء والاُمناء فلا يكاد يقلّ الوثوق الحاصل من ذلك لليهود والنصارى عمّا يحصل لهم من التوراة والأناجيل الموجودة؛ هذا. سيّما وقد صدّق القرآنَ والنبيَّ والأئمّةَ من أهل بيته المنصفون من اليهود والنصارى وساير النحل في أخبارهم وحكاياتهم، وليس هنا مجال تفصيلها فراجع كتاب عيون أخبار الرضا وغيره.
ثمّ إن أخبار الأنبياء والأوصياء وإن لم تصل إلينا مباشرةً لكنّها وصلتنا بواسطة الثقات من الناس ممن عرفوا بالصلاح والأمانة - هذا بالغض عن التواتر في أسانيد الأخبار - حتى أنك ترى أن من يخالفهم في الدين أو المذهب يعترف لهم بالصدق والأمانة كما كان يعترف لسادتهم ومواليهم من الأنبياء والأوصياء من لا يصدّقهم في دعوى النبوة والإمامة.
وقد جمع الإمام شرف الدين العاملي في كتاب المراجعات طائفةً من الشيعة ممن استند إليهم أهل السنّة في الروايات لصدقهم وورعهم بعد أن رموهم بالرفض والتشيع واتهموهم بالغلوّ والإفراط وما شابهها، ولو أنّهم كانوا يرمونهم بالكفر