175وأقلهم هذراً، وكان يعرف بالريح الطيب إذا أقبل، وكان إذا أكل مع القوم كان أول من يبدأ وآخر من يرفع يده، وكان إذا أكل أكل مما يليه، فإذا كان الرطب والتمر جالت يده، وإذا شرب شرب ثلاثة أنفاس، وكان يمصّ الماء مصاً ولا يعبّه عباً، وكان يمينه لطعامه وشرابه وأخذه وعطائه فكان لا يأخذ إلا بيمينه، ولا يعطي إلا بيمينه، وكان شماله لما سوى ذلك من بدنه، وكان يحب التيمّن في جميع أموره في لبسه وتنعّله وترجله.
وكان إذا دعا دعا ثلاثاً، وإذا تكلم تكلم وتراً، وإذا استأذن استأذن ثلاثاً، وكان كلامه فصلاً يتبيّنه كل من سمعه، وإذا تكلم رئي كالنور يخرج من بين ثناياه، وإذا رأيته قلت: أفلج وليس بأفلج.
وكان نظره اللحظ بعينه، وكان لا يكلم أحداً بشي يكرهه، وكان إذا مشى كأنما ينحطّ في صبب، وكان يقول: إن خياركم أحسنكم أخلاقاً، وكان لا يذم ذواقاً ولا يمدحه، ولا يتنازع أصحاب الحديث عنده، وكان المحدث عنه يقول: لم أر بعيني مثله قبله ولا بعده صلى الله عليه و آله.
وهناك آداب للرسول صلى الله عليه و آله مع الجميع:
فعن أنس: وكان صلى الله عليه و آله لا يدعوه أحد من أصحابه وغيرهم إلا قال: لبيك.
و عنه: ولقد كان صلى الله عليه و آله يدعو أصحابه بكناهم إكراماً لهم واستمالة لقلوبهم، ويكنّي من لم يكن له كنية فكان يُدعى بما كنّاه به، ويكني أيضاً النساء اللاتي لهن الأولاد واللاتي لم يلدن، ويكني الصبيان فيستلين به قلوبهم.
وكان صلى الله عليه و آله يؤثر الداخل عليه بالوسادة التي تحته، فإن أبى أن يقبلها عزم عليه حتى يفعل.
و عن عجلان قال: كنت عند أبيعبداللّٰه عليه السلام، فجاء سائل فقام عليه السلام إلى مكيل فيه تمر فملأ يده فناوله، ثم جاء آخر فسأله، فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فسأله فقام فأخذ بيده فناوله، ثم جاء آخر فقال عليه السلام: اللّٰه رازقنا وإياك.
ثم قال: إن رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله كان لا يسأله أحد من الدنيا شيئاً إلا أعطاه، فأرسلت