141السجدة منها، فسجد ثم قال: قد سمعت يا أبا الوليد ما سمعت، فأنت وذاك 1.
فعاد من حيث أتى بعد أن خاب مسعاه كما خابت جهودهم من قبل وباءت بالفشل الذريع. .
إن عرض هذه الأمور عليه يدل على اعترافهم بسموّ مكانته النَّسَبية عندهم ورفعة أخلاقه وهو يتيم بني هاشم، وهو الصادق الأمين كما يعرفونه، لهذا قدموا له كل ذلك ومنها السيادة عليهم، وإلا فهم يأنفون - كما عرف عنهم ذلك - أن يخضعوا للوضيع مهما كان الأمرالذي يتمسك به، وخاصة إذا جاء بأمر يخالف عاداتهم وتقاليدهم، مثل ما جاء به رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله من الدين الحنيف والدعوة إلى التوحيد ونبذ الشرك والأوثان، وما كان سائداً في مجتمع مكة من عادات قذرة وتقاليد جاهلية ومظالم. .
نشأته وتربيته
هناك مراحل كثيرة مرّت بها حياة الرسول صلى الله عليه و آله قبل بعثته نبياً ورسولاً، أشارت إليها آيات من سورة الضحى، وهي نعم عظيمة حظي بها رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله:
« أَ لَمْ يَجِدْكَ يَتِيماً فَآوىٰ»
«وَوَجَدَكَ ضَالاًّ فَهَدىٰ»
«وَوَجَدَكَ عٰائِلاً فَأَغْنىٰ»
فبعد أن ولد النبي صلى الله عليه و آله عام الفيل، ولد يتيماً حيث مات أبوه وهو في بطن أمّه وقيل: إنه مات بعد ولادته بمدة قليلة، وقد سخّر اللّٰه له جده عبد المطلب فآواه ورباه، ثم ماتت أمّه وهو ابن ست سنوات، ولهذا لم يتنعم بحنين الأبوين، و مات جده عبد المطلب وهو ابن ثمانِ سنوات. . 2وبعد وفاة جده عبد المطلب، قيّض اللّٰه له عمه أبا طالب وهو أخو والده