51على الحاضر ثمان ركعات ويجب على المسافر أربع ركعات؛ فالحاضر والمسافر كالمستطيع وفاقده؛ فكما أن الاستطاعة شرط للوجوب فكذا الحضر شرط لوجوب التمام والسفر شرط لوجوب القصر .
نعم ، لو فوّت المكلّف الحاضر على نفسه اختياراً حتّى ضاق الوقت عن ثماني ركعات فلا يبعد وجوب السفر عليه عقلاً - لا شرعاً - تحصيلاً للصلاة الأدائيّة الاختياريّة وإلّا فقد فوّتها فيعاقب عليه؛ فلدفع العقاب يجب السفر؛ وهذا بخلاف من فاته الوقت عن ثماني ركعات بلا اختيار .
كما أنه لو كان الجامع بين القصر في السفر والتمام في الحضر واجباً على المكلّفين وجب السفر إذا توقف عليه الأداء في الصلاة؛ وذلك لعدم كون السفر والحضر من شرط الوجوب على هذا التقدير بل هما من شرط الواجب . وتفصيل البحث عمّا هو التحقيق من كون السفر والحضر من شرط الوجوب أو الواجب محوّل إلى غير المقام .
فقد تحقق مما حرّرناه وقررناه في هذا المقام الأمر في بحث اصولي عام لم يعنون في محلّه المناسب من مباحث الأصول؛ وإن كان ربما يظهر من بعض الكلمات في مجالات تطبيقية لهذا البحث في الفقه بعضُ الإشارات؛ وحصيلة هذا البحث ومحلّه المتناسب من الأصول هو : أن الواجب ينقسم إلى مطلق ومشروط؛ وواضح أن الواجب المطلق هو ما لا يكون الوجوب فيه منوطاً بسبق أو تحقق ما فرض إطلاق الوجوب بالنسبة إليه؛ بل إطلاق الوجوب يدفع نحو تحقيقه ولو بتحقيق ذاك الأمر إذا لم يكن متحققاً .
ويقابله الواجب المشروط وهو ما يكون الوجوب متعلقاً على فرض تحقق الشرط ، والأمر الذي فرض الوجوب مشروطاً بالنسبة إليه ، من دون أن يكون للوجوب دعوة أو دفع نحو إيجاد ذاك الأمر والشرط . وواضح أن الإطلاق والاشتراط أمران نسبيّان؛ فرب واجب مطلق يكون مشروطاً في نفس الوقت