23وعليه فالمقصود من الآية توفير الجانب الاقتصادي وما شابهه توفيراً تاماً ، تماماً كما ألمحت الجملة الأخرى في الآية ، وهي: «آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» 1إلى جانب الاستقرار الأمني الشامل وتوفير الأمن والأمان .
تذكير:
1 - إن أساس الأمن الاقتصادي والاجتماعي لمكّة ، وكذا نعمها الوفيرة ، أمر تكويني لا تشريعي فحسب .
والشاهد والمؤيّد لذلك ما جاء في سور القصص والعنكبوت وقريش ، وهي من السور المكية ، فيما الحج الإسلامي الذي يمكنه أن يكون سبباً لحلول الأمن ونزول البركة إنّما جاء تشريعه في العصر المدني ، أي بعد سنين طويلة من نزول السور المذكورة .
2 - إن الأنبياء والأولياء الإلهيين عليهم السلام كافة أرفع وأفضل من مجرّد سلطة البطن على الطعام والشراب ، ذلك أن بعض تلامذتهم - وهم الذوات المقدّسة -«كان خارجاً من سلطان بطنه» 2، إلّا أنّهم كانوا دائماً مهتمّين بحال الضعفاء وأواسط الناس ، من هنا ، كانوا يطلبون من اللّٰه تعالى لهم النعم الوفيرة ورخص الأرزاق ، ويسألون لهم الاقتصاد السالم حتى تتوفّر بذلك أرضيةٌ لبناء الأمن الداخلي من جهة ولحصولهم على استقلالهم واستغنائهم عن الآخرين من جهةٍ أخرى ، ليكون ذلك كلّه في خدمة الدين نفسه؛ ذلك أن مبدأ الهوية في الإنسان إنّما يصنعه الدين ، لا الاقتصاد ، وعدم وجود اقتصاد صحيح لأواسط الناس يعدّ مرضاً عضالاً صعب العلاج بالنسبة إلى تحصيل عقيدة أصيلة أو حفظها بعد حصولها .
نعم ، الأوحدي من الناس هو من يرى أن محورية العقيدة والحق أفضل من