19إليها في المخزن الإلهي ، ممّا لا تملكه أزمنة أخرى أو أمكنة ، إلّا أنّ الظاهر أن احترام الزمان يكون بمن فيه ، واحترام المكان يكون بالمتمكّن فيه .
من هنا ، يمكن أن تكون مكّة أفضل البقاع؛ ذلك أنّها كانت منذ قديم الأيام مهداً للتوحيد ، ومركزاً للوحي ، ومحلاً لتربية الكثير من الأنبياء والأولياء وكذا لظهورهم و . . . حيث تمثلت الحلقة الأخيرة من هذه السلسلة الذهبية بالتوحيد الخالص ، وهبوط القرآن ، وصعود خاتم الرسل صلى الله عليه و آله لمقام النبوّة النهائي المنيع ومركز الرسالة الخاتمة .
إضافةً إلى ذلك ، فقد احتوت مكّة بيت اللّٰه الشريف ومكانه النهائي ، من هنا كانت مقدّسةً منذ قديم الأيّام ، وعليه فالمدينة المنورة - كمكة المكرّمة - مهبط الوحي ومحل نزول الكثير من سور القرآن الحكيم ، كما أن الدولة الإسلامية شهدت قيامتها وانتظام أمرها هناك ، وقد عدّ القرآن الكريم أبناء هذه المنطقة وشعبها أنصاراً لدين اللّٰه وإخوةً للمهاجرين في سبيل اللّٰه 1، لهذا كانت المدينة لائقةً بدعاء خاتم الأنبياء صلى الله عليه و آله 2، لتكون حرماً خاصاً . نعم ، بركة المدينة المنوّرة مستمرّة ما دام أبناؤها حافظين للأصول العقائدية ، والأسس الأخلاقية ، والفروع الفقهية .
مكّة أمّ القرى 3، وأنموذج المدينة الفاضلة ، فقد أسّس إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام باني الكعبة ومؤسّس الحضارة ، أسّس المدينة الفاضلة على أركان أربعة ، نظمها حول محورٍ مركزي ، ثمّ طلبها من اللّٰه تعالى . كان دعاء إبراهيم في هذا المجال على الشكل التالي:
1 - «رَبِّ اجْعَلْ هٰذٰا بَلَداً» 4.