18
«وَ الْحُرُمٰاتُ قِصٰاصٌ » 1.
وقد قال الإمام الصادق عليه السلام حول من قتل في الحرم أو سرق:«يُقام عليه الحدّ في الحرم صاغراً؛ لأنّه لم يَرَ للحرم حرمةً ، وقد قال اللّٰه عزّ وجلّ: «فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ » 2، فقال: هذا هو في الحرم ، وقال: «فَلاٰ عُدْوٰانَ إِلاّٰ عَلَى الظّٰالِمِينَ » 3» 4.
إن ما يقتضيه قوله تعالى: «فَمَنِ اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدىٰ عَلَيْكُمْ » أنّ إعدام القاتل واجب ، بيد أنّ إهانته حرام ، أمّا هنا فتغدو إهانته راجحة؛ ذلك أنّه تجاهل الحرمات والمقدّسات ولم يقدّرها أو يحترمها ، ومعه فلا يصح أن يحترم هو أيضاً .
إن الكعبة بمنزلة كرامة المسلم وشرفه؛ من هنا كان الجميع مكلفين بحفظ حرمتها ، فحرمة الكعبة هي الأساس لحرمة الحرم إلى حدّ تجنّب الفقهاء - حذراً وخوفاً - من السكن فيه؛ والسبب في ذلك خوفهم من أن يرتكبوا فيه أيّ ذنب ، يحتملون كونه«إلحاداً»، ممّا يخيفهم من نتائج التعذيب الإلهي: قال تعالى: «وَ مَنْ يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحٰادٍ بِظُلْمٍ نُذِقْهُ مِنْ عَذٰابٍ أَلِيمٍ » 5.
ولا يعني ذلك كراهة العيش في ذلك المكان المقدّس ، وإنّما يعني الخوف من عدم مراعاة حقوق الحرم الإلهي الرفيع .
مكّة ، أنموذج المدينة الفاضلة
قد تكون لبعض الأزمنة والأمكنة خصوصيات استناداً إلى جذور ترجع