144
يوم عيد النحر
وفيالغد رجعنا إلى منى ، وهو يوم عيد النحر [الأضحى] وبعد الوصول بيسير ذهبنا إلى مكان بيع الأضاحي ، فاشترينا هدياً بليرة عثمانية ، حسب ما طلب بائعه ، ولم نساومه لكراهة المساومة فيه ، وذبحناه وتصدّقنا بثلثه ، وأهدينا ثلثه ، وكانت الجنود تمنع من حمل اللحوم إلى الخيم ، خوفاً من انتشار الروائح الكريهة ، على أنه لم يكن منعاً شديداً ، فأخذنا شيئاً من الهدي لنأكل منه حسب الاستحباب ؛ ومن لم ير ذلك المكان ، لا يعلم حقيقة معنى قول القائل«مجزّرين كالأضاحي»، وبعد الزوال عمدت جنود الحكومة إلى جمع ما بقي من تلك اللحوم والأوساخ المطروحة في مكان الذبح ، فدفنتها في حفر أعدّت لذلك ، ولم يحدث في الحاج مرض في تلك السنة في منى وعرفات ، وكانوا بتمام الصحّة ، وكان الحاجّ متوسط العدد .
ويبدو من وصف السيد رحمه اللّٰه أنّه لم يكن هناك زحام كالذي نشهده اليوم ، ولو نسبياً ، حيث لم يتحدّث عن تدافع ولا اختناقات ولا غيرها ، حتى في أعمال الحج من الرجم والطواف عندما تطرّق لها ، كما سنرى ، فإنّه أتمّها بسهولة ويسر في نفس اليوم ، حيث في رحلته الثانية سنة 1341ه ذكر الزحام الذي كان ضمن طيات الكلام تلميحاً .
الجمرات الثلاث
وبعد النحر ذهبنا لرمي جمرة العقبة [هكذا أورد السيد رحمه اللّٰه الترتيب] وهي أوّل جمرة من جهة مكّة ، وبعدها جمرة تسمى الوسطى ، وبعدها جمرة تسمى الأولى لأنها ترمى أولاً في الأيام التي ترمى فيها الجمرات الثلاث ، وجمرة العقبة تسمى الأخيرة ، لأنها آخر ما يرمى إذا رُميَت الجمرات الثلاث ، وذلك في الحادي عشر والثاني عشر من ذي الحجة . . . أما في يوم النحر ، فلا ترمى إلا جمرة العقبة فقط ، وأصل الجمرة مجتمع الحصا .
وجمرة العقبة بناء في سفح الجبل ، ظهرها إلى الجبل ووجهها إلى الطريق الذي