138بدون حاجة إلى زورق ، وعند مدخل المرفأ باب كبير ، وعلى جانبه جنديان ينظمان الدخول بالدور ، فأول ما تؤخذ أمتعة الركاب ، يأخذها الحمالون بالعدد ، ويحفظ صاحبها نمرة الحمّال ، وذهبت مع بعض رفقائنا لعلّنا نتمكن من الدخول فنختار مكاناً موافقاً ، لأننا أخذنا مكاناً في الدرجة الثانية ، وليس في المركب درجة ثانية ، فجعلوا ظهر الدرجة الأولى بدل الدرجة الثانية ، وكان خيراً من الدرجة الأولى .
قال رحمه اللّٰه : فلما وصلنا الباب رأينا جماعة من المغاربة معمّمين ، عليهم البرانس يحاولون الدخول ، فمنعهم الحرس فلم يمتنعوا ، فأعملوا فيهم ضرب السياط ، فوقفت مع رفيقي ناحية ، فلما رآني الحرسيان أشارا إلي أن تعال ، فأتيت ، فقالا : يا شريف ! تريد أن تدخل ؟ قلت : نعم ؛ قالا : تفضل ؛ قلت : ورفيقي ؟ قالا :
ورفيقك ؛ فدخلنا قبل كل أحد ، وفي أيدينا أوراق المركب والكرنتينا والجواز ؛ واخترنا لأنفسنا ولمن معنا من النساء والرجال أمكنةً حسنة واسعة ، ثم جاء رفقاؤنا ؛ وأقلع بنا المركب من السويس مساءً ، فوصل الطور ضحوة الغد ، وبقي هناك ينقل ما حمله إلى الطور من آلات البناء ، لأجل بناء محجر في الطور بقية ذلك اليوم والليلة التي بعده وفي غدها إلى الليل .
ثمّ أقلع من الطور قاصداً جدّة ، فوصلناها بتمام الراحة ؛ لأن البحر كان ساكناً إلا في موضعٍ يدعى ببركة فرعون ورأس أم محمد ، فهاج البحر ، وهاجت المرّة الصفراء بأكثر الحجاج ، وذلك بعدما أحرمنا بيسير ، وكنا في الليلة التي أحرمنا في صبيحتها اغتسلنا في حمّام في المركب ، منارٍ بالكهرباء ، يجيء ماؤه من البحر ، ويغسل فيه الإنسان منفرداً بأجرة قليلة ؛ ولبسنا ثوبيالإحرام بعدما خلعنا المخيط.
نذر الإحرام قبل الميقات