25أولاً : أصدر المولى سبحانه وتعالى أوامر لخليله إبراهيم عليه السلام بعد إتمام بناء البيت العتيق الطاهر ، بيت المواساة والمساواة ، وبعد تشريع قرار الأمن للحرم أمام الضيوف والزوار والركع السجود والعاكفين والطائفين ، فقال : «وَ أَذِّنْ فِي النّٰاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجٰالاً وَ عَلىٰ كُلِّ ضٰامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ » 1 .
والهدف من هذا الإعلان العام دعوة أولئك القادرين على الحضور بشكل طبيعي ومتعارف .
ثانياً : عندما يأتي الجميع ، من الشرق والغرب ، ومن الشمال والجنوب ، ومن القريب والبعيد . . . فيشتركون في هذا الملتقى الشامل الواسع ، تصل النوبة للإعلان المحمدي والأذان ، من هنا قال تعالى : «وَ أَذٰانٌ مِنَ اللّٰهِ وَ رَسُولِهِ إِلَى النّٰاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللّٰهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ » 2 .
كان هذا الإعلان الذي سبق مقدّمةً للإعلان الثاني ، الذي هو الهدف النهائي لبناء الكعبة ، وإعلامه هذا الهدف النهائي يعني الوصول إلى التوحيد متبلوراً على صورة إعلان براءة اللّٰه ورسوله الأكرم صلى الله عليه و آله من المشركين ، ومادام الإنسان حياً يرزق على وجه البسيطة فإن الحج والزيارة يبقيان في عهدته وضمن مسؤولياته ، ومادام ثمة مشرك في هذا العالم مادام إعلان البراءة منه جزءاً من أهم وظائف الحج .
من هنا ، تتضح مسؤولية نهوض الأمّة لتطهير الكعبة المقدّسة من ولاية الطغاة والنفعيين الوصوليين ، أولئك السرّاق الذين قال عنهم الإمام الصادق عليه السلام :
«أما إن قائمنا لو قد قام لقد أخذهم ، فقطع أيديهم ، وطاف بهم ، وقال : هؤلاء سرّاق اللّٰه» 3