19التوحيد ، والنبوّة والعدل ، تلك الأصول التي تعدّ ثماراً لشجرة الإسلام الطيبة .
وأحد أطهر هذه الثمار في هذه الشجرة الطيبة هو الحكومة الإسلامية ، وهي من أهمّ مظاهر الإسلام ، فالمجتمع الذي لا يديره اللّٰه ولا يسري فيه أمره مجتمع كفر وطغيان ، ومعبود مثل هذه المجتمعات إنما هو الأهواء المختلفة والرغبات المتنوّعة .
بهذه المقدّمة ، نصل إلى فهم أسرار بعض مضامين أدعية عرفة ، فالمضمون المشترك لدعاء سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام - وهو أهم دعاء في عرفة - مع دعاء الإمام السجّاد عليه السلام الذي اعتبر وجودَ الإمام العادل أساساً لإحياء آثار الدين . . . المضمون المشترك هو أهمية الولاية في النظام الإسلامي .
وثمة شواهد عدّة على أن الحجّ مظهر الحكومة الإسلامية ، وأن لهذه الحكومة تأثيراً على بقائه واستمراره وتكرّره ، نشير إليها هنا على الترتيب التالي :
1 - كان من أدعية إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام عند بناء الكعبة : «رَبَّنٰا وَ ابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيٰاتِكَ وَ يُعَلِّمُهُمُ الْكِتٰابَ وَ الْحِكْمَةَ وَ يُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ » 1 .
وسرّ هذا الدعاء والطلب أن الموحدين قد دعوا للحج من تمام نقاط العالم المختلفة وفي تمام الأزمنة والعصور ، إذاً فلابد أن يكون هناك من ينظم أمورهم ، فعلاوةً على المناسك العبادية للحج لابد أن تكون لديهم أصول وأحكام أخرى تتعلّق بحياتهم السياسية ، وهذه هي الحكومة الإسلامية عينها ، التي تغدو ضرورةً لتنظيم أمور الحجيج وسياستهم وإرشادهم .
إنّ الدين الذي يقول : «إذا كنتم ثلاثة في سفر فأمّروا أحدكم» 2 ، حاشاه أن يذر الناس على حالهم هناك ، ولا يضع على هذا الجمع العظيم الذي لا يحصى حاكماً أو آمراً ، بل يتركهم يسيّرون أمورهم بأهوائهم ورغباتهم .