167وفي الأثناء اضطرب الجو وتلبدت السماء بالغيوم وهطلت الأمطار بشدّة . أخذ الشرطة جماعة وذهبوا بهم ، فأصبحت عرفات آمنةً وظهرت آثار الغروب . فأذن المؤذن وخرجنا من عرفات . كان الجو بارداً بعض الشيء والسماء تمطر ، وكنا حفاة حاسرين ولم يكن علينا سوى ثوبي الإحرام ، ولكننا دخلنا منى فرحين ، وأمضينا الليل في الخيمة واستيقظنا سحراً ، وتوجهنا نحو المشعر وصادفنا شرطياً فرشوناه ، وواصلنا الطريق ، وأدركنا الوقوف الإختياري في المشعر ، وعدنا في الصباح إلى منى ، وجئنا بأعمال العيد ، وقد شاركنا بعض أبناء العامة في هذا الاحتياط .
بعد الرجوع من منى اختلفت الأوضاع ، وأخذ العرب ينظرون إلى العجم بعداء ، بل كانوا يغلظون القول ويشتمون ، وسمع أن بعض تجار مكة لا يتعاملون مع العجم! وقد شاهدت بأم عيني بعض المصريين وغيرهم من العرب في المسجد الحرام ، وقد أمسكوا برجل إيراني وهم يضربونه ، وكان الآخرون يشجعونهم على ذلك ويقولون : «جزاك اللّٰه خيراً ، جزاك اللّٰه خيراً!» ، فسألت شخصاً عن السبب ، فأجابني : إن العجم قد انتهكوا حرمة المسجد ، وهل هناك ذنب أشد مما قام به إيراني البارحة من تنجيس المسجد الحرام! قلت : معاذ اللّٰه . إن المسلم لا يرتكب مثل هذا العمل ، فهل يعقل أن يقوم إيراني مسلم بتحمل مشقات الطريق ونفقاته الباهظة (عشرة آلاف تومان أو خمسة آلاف تومان في الأقل) ليأتي إلى مكة ، وينجّس المسجد الحرام؟! (سبحانك هذا بهتان عظيم!) .
في اليوم الثالث عشر من ذي الحجة أو الرابع عشر عند العامة ، كنا بعد الظهيرة في المسجد الحرام ، فشاهدت اضطراباً في الناس ، وكان