141وبهذا ظهر فساد القول المشهور ، الذي لا معنى لدعمه بالاحتياط كما فعله في الغنية 1 ، فإنّ الاحتياط يقتضي تجنّب الجدال والحلف معاً ، لا الترخيص في الجدال الذي نصّت الآية علىٰ حرمته ، وتحريم الحلف فقط ، كما هو واضح ، كما لا معنى لدعمه بالإجماع 2 بعد كونه واضح المدركية .
هذا ، وقد ردّ السيّد الگلپايگاني علىٰ من تمسّك - لدعم القول المشهور - بإطلاق الحلف دون ذكر المخاصمة ، بأنّ الروايات مسوقة لبيان الآية ، وهذا بنفسه يشهد علىٰ أنّ المراد بالجدال الجدلُ المؤكّد باليمين . بل يمكن القول : إنّ احتفاف نصّ الروايات بمثل هذا الجوّ يصلح بنفسه مانعاً عن انعقاد إطلاق فيها للحلف مطلقاً ، ولو بدون جدال 3 .
إن حصر الجدال بأيّ معنى لا يحتوي مخاصمة فيه معارضة للكتاب الكريم
وكلامه في غاية المتانة ، ويمكن دعمه أيضاً بأنّه لو كان المراد محض الحلف لا غير ، وكان المعنى اللغوي محض المخاصمة بقطع النظر عن الحلف ، لكان ينبغي أن نجد ولو تساؤلاً واحداً من المتشرّعة طيلة ثلاثة قرون حول : كيف أريد من الآية معنىٰ لا تمّت إليه بصلة ولا تتحمّله اللغة العربيّة؟ ألم يكن يستدعي ذلك إثارة علامات تساؤل من جانب الرواة أو من جانب فقهاء أهل السنّة المعاصرين للإمام عليه السلام ؟ والحال أنّنا لم نعثر علىٰ أيّ رواية - ولو ضعيفة - تشير ولو إشارة عابرة إلىٰ هذا الموضوع ، ممّا يكشف عن أن السامعين إنّما فهموا من الروايات ما يتضمّن معنى الجدال ، لا ما يخرج عنه إلى الحلف دون مخاصمة .