140ومعه يؤخذ بدلالة الرواية في تفسيرها للآية الكريمة .
وهذا الكلام قد يبدو بظاهره جيّداً ، إلّا أنّه قد وقع فيه خلط بين الحديث الواقعي والحديث المنقول ، فلو أنّنا سمعنا المعصوم عليه السلام يفسّر لنا الآية باليمين ، لوجب علينا قبول تفسيره ، ولا مجال للنقاش معه ، وهذا واضح ، إلّا أنّه خاص بالعلم اليقيني بصدور الرواية ، وقد أسلفنا أنّ هذه الرواية لا استفاضة فيها فضلاً عن التواتر ، وعمل الأصحاب بها لا يصيّرها قطعية الصدور ، وعهدة القطعيّة علىٰ مدّعيها .
أمّا لو لم يحصل لنا يقين بصدور الحديث عن المعصوم عليه السلام ، فلا يمكن أن نتعامل معه معاملة الصادر الواقعي مطلقاً ، بل إنّ حجّيته تكون حينئذٍ مشروطة بعدم مخالفته للكتاب ، ومجرّد ادّعاء الخبر أنّه يفسّر القرآن لا يغيّر من واقع الأمر شيئاً ، فإنّ هذه الخصوصيّة لا ترفع عنوان معارضة الكتاب ، ومع تحقّق هذا العنوان ينبغي تطبيق قواعد الحجّية القاضية بسقوط اعتبار الأخبار .
وكلّي ظنّ بأن الخلط بين السنّة الواقعيّة والسنّة الظنّية المحكيّة هو ما يفضي عادةً إلىٰ توهّم حاكميّة نصّ السنّة المحكيّة علىٰ نصّ الكتاب ، وافتراض أنّنا قد خفي علينا شيء في نص القرآن الكريم .
نعم ، لو كانت الرواية بصدد بيان بطون القرآن أو معان لم تظهر لنا منه لم يمكن ردّها لمجرّد أنّنا لم نفهم هذا المعنىٰ عينه من الكتاب ، إلّا أنّ المقام ليس كذلك بل هو مقام أن ما أعطتنا إيّاه الرواية ينافي الظهور العرفي ، فهذا الظهور ليس بساكت عن مدلول ما أفادته الرواية ، وهو الحصر باليمين ، بل هو نافٍ له ، وهذا هو المصداق البارز لمعارضة الكتاب ، وإلّا فلم يُشترط إطلاقاً في معارضة الكتاب أن تكون الدلالة القرآنيّة صريحةً أو قطعيّة ، كما لم يشرط في تطبيق قاعدة الطرح أن لا تكون الرواية ذات لسان تفسيري ، وإلّا أمكن لأيّ وضّاع نسبة مخالفة الكتاب إلى المعصوم ، إذا صاغ قوله بلغةٍ تفسيريّة ، فلاحظ .