130وقد وقع جدل بين فقهاء الإماميّة ، انطلاقاً من التفسير المذكور ، حول نقطتين :
الأولىٰ : هل المحرّم هو هاتان الكلمتان معاً ، أم أنّ الواحدة منهما تكفي؟
الثانية : هل المحرّم هو خصوص هاتين الكلمتين ، أم المراد بهما الإشارة إلىٰ مطلق اليمين حتّىٰ لو كان بغير الصيغتين المذكورتين؟
بدورنا ، سنركّز بحثنا على النقطة التالية : أيّ من التفسيرين هو الصحيح لمفهوم الجدال؟ هل المعنى اللغوي أم اليمين؟ ما هو مدرك النظرية الثانية؟ وهل يمكن تصوّر نظريّة ثالثة أو رابعة في البين أم لا؟
ونتعرّض - بدايةً - لمدرك النظرية الأولىٰ ، ثمّ نعرّج علىٰ مدرك النظريّة الثانية ، لنخرج بنتيجة نهائيّة في الموضوع بعون اللّٰه سبحانه .
مستند نظرية التفسير اللغوي للجدال
الذي يبدو أنّ المستند الرئيس للنظرية القائلة بأنّ الجدال المحرّم في الحجّ هو النزاع والمخاصمة ، هو اللغة العربية ، فالمصادر اللغوية تُجمع - حسب الظاهر - علىٰ أنّ الجدال في اللغة يعني النزاع والخصومة والحوار الصاخب وأمثال ذلك 1 ، حتّىٰ أنّ أصحاب النظرية الثانية أنفسهم أقرّوا بأنّ المعنى اللغوي قائم علىٰ ذلك ، وأنّ نصوص السنّة هي التي دفعت إلىٰ تبنّي القول الثاني ، ولولاها لأخذنا بهذا المعنىٰ في تفسير الآية الكريمة 2 .
ولا شك في صحّة هذا الكلام ، وأنّ هذا التفسير هو المتعيّن ، غير أنّ المفروض