121وزعم الطبري : أنه يشعر بأن المقام لم يكن حينئذ ملصقاً بالكعبة .
وأورد عليه بأن كلمة تقدّم - إن صحّت - دلالتها على الملاصقة أقرب؛ لأنه صلى الله عليه و آله أنهى الطواف عند الركن فإذا واصل مشيه بعد ذلك إلى يمنة الباب - حيث المقام - فهذا تقدّم . ولو كان المقام في موضعه الآن لكان المشي إليه مشياً عن الكعبة وحقّه أن يقال : تأخّر . وأمّا قوله : فجعل المقام بينه وبين الكعبة ، فلا يخفى أن المصلي إلى المقام إذا كان بلصق الكعبة إمّا أن يكون عن يمينه أو يساره أو خلفه فإذا كان خلفه فقد جعله بينه وبين الكعبة .
الثاني : رواية رواها الأزرقي عن ابن أبي مليكة قال : موضع المقام هذا الذي هو به اليوم هو موضعه في الجاهليّة وفي عهد النبي صلى الله عليه و آله وأبي بكر وعمر؛ إلّا أن السيل ذهب به في خلافة عمر فجعل في وجه الكعبة حتى قدم عمر فردّه بمحضر من الناس 1 .
أقول : يرد عليه : أوّلاً : إن هذه الرواية مع شذوذها معارضة بالروايات الكثيرة المتقدمة، والتي لا يبعد دعوى تواترها؛ ولا ريب أن الترجيح لتلك الروايات .
وثانياً : ما ذكره المعلّمي فيما عثرنا عليه أخيراً من أن الأزرقي لم يوثقه أحد من أئمة الجرح والتعديل ولم يذكره البخاري وابن أبي حاتم؛ بل قال الفاسي في ترجمته في العقد الثمين : لم أر من ترجمه وقد تفرد بهذه الحكاية .
وثالثاً : ما ذكره المعلّمي أيضاً قال : ويريبني من الأزرقى حسن سياقه للحكايات وإشباعه القول فيها؛ ومثل ذلك قليل فيما يصح عن الصحابة والتابعين؛ وقد قيل لشعبة: ما لك لا تحدث عن عبد الملك ابن أبي سليمان - وقد كان حسن