119بعض ذلك؛ ومن جملة ما استدل به هو حديثان رواهما البخاري في شأن صلاة النبي صلى الله عليه و آله لطوافه بعد ما فرغ منه :
أحدهما حديث ابن عمر وفيه : ثم خرج فصلّى في وجه الكعبة ركعتين 1 .
وثانيهما : حديث ابن عباس وفيه : فلمّا خرج ركع ركعتين في قبل الكعبة وقال: هذه القبلة 2.
قال : والمراد بوجه الكعبة في الأخبار - كما يقضي به سياقها - تارة : جدارها المقابل لموضع المقام الآن؛ وتارة : ما يجانب هذا الجدار من المطاف - يعنى جنب الجدار - .
إنّ المقام كان في العهد الجاهلي في موضعه الفعلي وردّه النبيّ إلىٰ جنب البيت
والأخبار التي أطلقته على هذا تبيّن أنه ليس منه موضع المقام الآن؛ بل هو الموضع الذي كان فيه المقام قبل أن يحوّله عمر إلى موضعه الآن .
ولفظ قبل الكعبة في حديث ابن عباس هو أيضاً ذاك الموضع .
وابن عباس إنما سمع هذا الحديث من أسامة كما بيّنه ابن حجر في الفتح، والراوي عن ابن عباس عطاء، كما أن عطاء يروي الخبر عن اسامة أيضاً بلا واسطة، وكأن ابن عمر لمّا لم يتحقق له أن النبي صلى الله عليه و آله ءَإلى المقام صلّى أم عن يمينه أو عن يساره اقتصر على قوله : في وجه الكعبة .
وأمّا الوجه في تعبير حديث اسامة ب «قبل الكعبة» فيظهر أن ذلك مراعاة لقوله عقب ذلك : هذه القبلة . لئلا يتوهم أن الإشارة إلى المقام نفسه مع قوله تعالى : «وَ اتَّخِذُوا مِنْ مَقٰامِ إِبْرٰاهِيمَ مُصَلًّى » فعدل إلى التعبير بقبل الكعبة؛ ليعلم أن الإشارة إلى الكعبة أو إلى ذلك الموضع منها.