103الأوّل : أنه كان في موضعه الذي هو به الآن؛ والأدلّة الصحيحة الواضحة تردّ هذا القول كما يأتي في القول الثالث .
الثاني : قال بعضهم : كان المقام لاصقاً بالكعبة في عهد النبي صلى الله عليه و آله حتى أخّره هو صلى الله عليه و آله إلى موضعه الآن . ثم ردّ عليه بضعف المستند والمعارضة بما قد صحّ عن مجاهد أن عمر هو الذي حوّل المقام كما سيأتي .
الثالث : قال آخرون : كان المقام في عهد النبي صلى الله عليه و آله وبعده لاصقاً بالكعبة حتى حوّله عمر؛ ثم تعرّض لبعض الوجوه التي ربما يستدل بها لكل من الأقوال الثلاثة؛ ثم قال : قد أغنانا اللّٰه - وله الحمد - عن هذا الضرب من الاحتجاج بثبوت النقل عمن لا يمكن أن يظن به التوهم - يعني الدلالة على القول الثالث - ثم استدل لذلك بحديث عائشة وغيرها؛ وذكر أن جملة من السابقين ذهبوا إلى هذا القول وهم أئمّة مكّة عطاء ومجاهد وابن عيينة؛ وقال : الإنصاف يقضي بأن قولهم مجتمعين يكفي وحده للحجة في هذا المطلب 1 .
أقول : ينبغي أن يضم إلى ما ذكره من الأقوال الثلاثة قول رابع لا ينافي ما ذهب إليه وهو المستفاد من آثار الشيعة والتواريخ ومحصّله :
أن المقام في زمن إبراهيم عليه السلام كان بلصق البيت وقد جعله عليه السلام هناك ثمّ حوّل في الجاهليّة إلى موضعه الفعلي حتى فتح رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مكّة، فردّ المقام إلى موضعه الأصلي بلصق الكعبة؛ وكان على هذا بقية حياة النبي صلى الله عليه و آله وبعده مدة خلافة أبي بكر وشطر من خلافة عمر، حتى حوّل عمر المقام إلى موضعه الجاهلي .
إذن لا نختلف مع المعلمي في كون المقام في آخر حياة النبي صلى الله عليه و آله وبعده إلى زمان عمر كان لصق البيت وأن عمر هو الذي حولّه إلىٰ موضعه الفعلي؛ وإنّما نختلف معه في أنّ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله هو الذي كان باشر وضع المقام بلصق البيت بعدما كان في الجاهلية منفصلاً - وهذا ما نذهب إليه - أو أن المقام كان في حياته صلى الله عليه و آله وفي أيام