83وثانياً: أن متعلق الحكم لو كان هو المسجد فهو قيد الحكم لا جزء الموضوع والمتعلق ؛ ليمكن جريان الأصل فيه ؛ فليس متعلق الحكم أمرين: أحدهما: الإحرام من مكان ؛ والآخر كون ذلك المكان مسجداً ؛ ليكون الأصل النافي في الثاني معيّناً للإحرام من القدر المتيقّن ؛ كما في استصحاب نجاسة الماء ، المغسول به الثوب النجس المعين فإنه موجب للغَسل بغيره ؛ ومانع من الاكتفاء بالغَسل به ؛ حيث إن متعلق الحكم مركب من غسل الثوب بماء وكون ذلك الماء طاهراً ؛ فليس مانحن فيه من هذا القبيل . بل متعلق الحكم هو الإحرام من الموضع المقيّد بالمسجديّة ؛ واستصحاب عدم مسجديّة الموضع الخاص لا ينفي ما هو متعلق الحكم ، أعني الإحرام من المسجد إلّا مثبتاً . ونفي المقيد بنفي قيده عقليّ وليس أمراً شرعيّاً مجعولاً .
نعم ، يجري استصحاب نفي الإحرام من المسجد إذا كانت الشبهة موضوعيّة كما لو كان أصل الإحرام مشكوكاً ؛ أو علم بالتلبية ولكن احتمل كونها من موضع يقطع بعدم كونه من مسجد الشجرة كمسجد النبي صلى الله عليه و آله .
ويعجبني في المقام نقل كلام للشهيد الصدر قدس سره في ضابط الموضوعات المركّبة والمقيّدة ؛ قال: «الميزان الكلّي أنه كلّما كان شيء مأخوذاً في موضوع الحكم ، وقد لوحظ اتصافه بوصفين - في مقام ترتب الحكم عليه - وكان أحد الوصفين ثابتاً له بالوجدان في ظرف الشك في بقاء الوصف الآخر فيه ، والوصف الآخر ثابت له بالاستصحاب ؛ فتارة يكون كل من الوصفين ملحوظاً بما هو وصف لذلك الشيء ؛ دون أن يؤخذ في الموضوع أيّ نسبة بين نفس الوصفين ، واُخرىٰ يكون أحد الوصفين الثابت بالوجدان منسوباً إلى ذلك الشيء بما هو موصوف بالوصف الآخر ؛ بحيث يكون الشيء من قبيل الحدّ الأوسط لقيام نسبة بين نفس الوصفين ، وأخذ هذه النسبة في موضوع الحكم ؛ فإن كان من قبيل الأوّل ، أفاد استصحاب أحد الوصفين وضمّه إلى وجدانيّة الوصف الآخر في إحراز موضوع الحكم ؛ وإن