51
مواقف ثلاثة في مسألة الجدال :
هناك ثلاثة مواقف من الجدال الوارد في الآية نلخصها :
1 - توسع بعضهم - انطلاقاً من بعض النصوص - فمنع أنواع الجدال حتى الاستدلال والبحث والنظر :
[وَ لاٰ جِدٰالَ فِي الْحَجِّ] و لو كان الجدال في الدين طاعة للّٰهتعالى لما نهى عنه في الحج بل الأولى الترغيب فيه .
[مٰا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلاّٰ جَدَلاً بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ ] عابهم وذمهم .
[وَ لاٰ تَنٰازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُمْ ] ،والجدل نزاع عاقبته الفشل والتمزق.
2 - فيما ذهب جمهور المتكلمين إلى أن الجدال في الدين طاعة عظيمة لقوله تعالى : [ادْعُ إِلىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَ الْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَ جٰادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ] .
[يٰا نُوحُ قَدْ جٰادَلْتَنٰا فَأَكْثَرْتَ جِدٰالَنٰا] وما كان جداله عليه السلام إلا للدين .
3 - إذن فلا بد من التوفيق بين النصوص الواردة في ذم الجدال التي استفاد بعضهم منها نفي جميع أنواع الجدل والنصوص التي تعده طاعة .
يقول الرازي : فنحمل الجدل المذموم على الجدل في تقرير الباطل وطلب المال والجاه ، والجدل الممدوح على الجدل في تقرير الحق ودعوة الخلق إلى سبيل اللّٰه والذب عن دين اللّٰه تعالى .
وختاماً ، فالحج فرصة كبرى ينبغي بل يجب الاستفادة منها والاستزادة من عطائها ، وعدم التفريط بهذه المناسبة التي جعلها اللّٰه تعالى مكاناً للتزود [وَ تَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزّٰادِ التَّقْوىٰ ] وإلّا عشنا الحسرة والندامة .
ونعم ما قاله الأعشى :