44ويقول الفراء في قوله عز وجل : [فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ] : خرج من طاعة ربه ، والعرب تقول إذا خرجت الرُّطَبةُ من قشرها : قد فَسَقَت الرُّطَبةُ من قشرها ، وكأَن الفأرة إنما سميت فُويْسِقةً لخروجها من جُحْرها على الناس .
والفِسْقُ : الخروج عن الأَمر . [فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ] ، أَي خرج . و عن ثعلب أنه قال : قال الأَخفش في قوله : [فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ] : عن ردّه أَمر ربه ، نحو قول العرب اتّخَمَ عن الطعام أيعن أَكله الطعام ، فلما رَدّ هذا الأَمر فَسَقَ ، قال أَبو العباس : ولا حاجة به إلى هذا ، لأن الفُسُوقَ معناه الخروج . [فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ ] ، أَي خرج ، وقال ابن الأَعرابي : إنه قال : لم يُسْمع قَطُّ في كلام الجاهلية ولا في شعرهم فاسِقٌ ، قال : وهذا عجب وهو كلام عربي .
فكلمة (فاسقاً) لا نجدها في شعر العرب القديم وهو قاموسهم .
ويقال : [وَ إِنَّهُ لَفِسْقٌ ] 1 ، أَي خروج عن الحق أو الطاعة وهو المعصية .
أَبو الهيثم : والفِسْقُ في قوله : [أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللّٰهِ بِهِ ] 2 أو كان سبب فسق وخروج عن الطاعة بذبحه لغير اللّٰه ، و روي عن مالك أَنّه الذبح .
وقوله تعالى : [بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمٰانِ ] 3 ، أَي بئس الاسم أن تقول له : يا يهودي ويا نصراني بعد أَن آمن ، أَي لا تُعَيِّرهم بعد أَن آمنوا ، ويحتمل أَن يكون كلَّ لَقب يكرهه الإنسان ، وإنما يجب أَن يخاطب المؤمن أَخاه بأَحبّ الأَسماء إليه؛ هذا قول الزجاج .
فأصل الفِسْقِ الخروج عن الاستقامة وهو الجور ، وبه سمي العاصي فاسقاً ،