275
أضواءٌ . . . على المركباتِ الاجتماعيّةِ والطبيعيةِ في الحجِّ . . .
تقي شريف الناصري
الضوء الأول :
التعامل مع موضوعة الحجّ ومناسكه يحتاج إلى روحية وأخلاقية دينية واضحة ، وإلى منهجية علمية وجمالية رفيعة المستوىٰ . . . إذ لم يكن العمل العبادي - أيّاً كان - مجرد تجميع معلومات تؤخر ثقافة الجواب عن الأسئلة .
ومناسك الحج على تنوّعها وتباين أشكالها ومواقعها أبعد ما تكون عن الأفعال الآلية ، فهي وإن كانت منظومة أفعال وأعمال وأقوال ونوايا إلّا أنها تجربة كبرىٰ تتجاوز المتعة والمنفعة القريبة أو المنظورة إلى مَدَيات أرحب . لم تكن المناسك لتسيرَ في نسقٍ واحد ، إنما هي عدة أنساق متداخلة ومتشعبة ومترافدة ترافق الإنسان من لحظة تسلحهِ بالإستطاعة الفعلية وحتى الانفلات من حدود الإحرام إياباً . . . .
إن هذا الخط الزماني والمكاني ينطوي على جهدٍ سايكلوجي وتعبوي يتأطر بحُلةِ الإيمان والقربىٰ والمثال الصالح ، وبضوء هذا الإمتداد نتسع آثار العملية المناسكية ، بحيث تنحلُّ في الواقع منسكاً منسكاً بعد انقضاء الحج ويكون كل منسك هو الحج يعكس تجربة حيّة في واقع الإنسان الحاج .