158فقالوا : هذا رجل له شأن كبير ، فخرجوا لاستقباله ، أو فركبوا ليتلقوه فلقوه على بغل تحته أكاف ، وهو معترض عليه رجلاه من جانب واحد ، فلم يعرفوه فأجازوه فلقيهم الناس فقالوا : 
  أين الأمير؟ 
  قالوا : هو الذي لقيتم . 
  فركضوا في إثره فأدركوه وهو يركب حماره ، وفي يده رغيف وفي الأخرى عرق ، وهو يأكل منهما فسلموا عليه . 
  وقالوا : سلنا ما شئت . 
  فقال : أسألكم طعامًا آكله وعلفاً لحماري هذا ما دمت فيكم . 
  أو فنظر إلى عظيم منهم ، فناوله العرق والرغيف . . . وأعطاه خادمه . 
  فأقام حذيفة فيهم ما أقام . 
  ثم بعث إليه عمر يستدعيه إلى المدينة ، فلما بلغه مقدم حذيفة ، كمن له عمر في الطريق ، فلما رآه على الحال التي خرج من عنده عليها أتاه فالتزمه أو فأكرمه وقال : أنت أخي وأنا أخوك . 
  
    
كلمات من نور : 
  
  مرض حذيفة مرضه الذي توفي فيه ، وهو في المدائن ، حيث ولاه عمر بن الخطاب ولايتها ، فأقام بها إلى حين وفاته ، والتي كانت سنة ست وثلاثين هجرية . 
  وقيل : سنة خمس وثلاثين ، وقيل : توفي بعد عثمان بأربعين يوماً ، وقيل : قبل عثمان بأربعين ليلة . 
  وقد أبى حذيفة أن لا يودع هذه الدنيا إلا بمواقف أخرى لا تقلّ عظمة عن مواقفه ، وهو يعلن إسلامه وهو يجاهد وهو يلازم النبي صلى الله عليه و آله بصدق وإخلاص ووعي . . . أبى إلا أن يقدم لمن حوله بل للأجيال من بعدهم كل ما ينفعهم في حياتهم الدنيا ، ويبقى ذخيرة طيبة لهم في حياتهم الأخرى ، كلمات كلها نور ، وكيف لا