117له ، وإن كان عدم التعرّض - إنصافاً - قرينة عدم الوجوب ، إذ لو كان واجباً لذكروه عادةً ، نعم ظاهر جمع الميل للوجوب ، مثل القاضي ابن البراج في المهذب كما أسلفنا ، والمحقق الأردبيلي في زبدة البيان 1 ، وتردّد في المسألة العاملي في المدارك وإن قوّى الاستحباب 2 ، بل قال بذلك الشيخ الطوسي في التبيان 3 ، وابن أبي جامع العاملي (1135ه ) في تفسير الوجيز ، مع إقراره بذهاب أكثر الأصحاب إلى الاستحباب 4 ، ومن المعاصرين الصادقي الطهراني في تفسير الفرقان 5 ، وقد سمعتَ كلام السيد المرتضى غير الآبي عن حمل الآية على الوجوب .
ولو سلّم ذهاب المشهور إلى الاستحباب ، فهو إن ضرّ فإنّما يضرّ بحجّية سند بعض الروايات التي يستفاد منها الوجوب ؛ باعتبار أنّ إعراضهم موجب - على قولٍ - لوهن الرواية ، إلا أنّ المورد ليس كذلك ، بعد كون مهمّ المدرك هنا هو الآية الكريمة ، ومن ثم يكون الخلاف مع المشهور في الدلالة لا في الصدور ، وهذه المخالفة لا تقدح - عادةً - في الدلالة بعد ثبوتها .
الوجه الثاني : التمسّك بجملة من الروايات وهي :
الرواية الأولى : خبر أبي بصير قال : قلت لأبي عبداللّٰه : «جعلت فداك ، إنّ صاحبيّ هذين جهلا أن يقفا في المزدلفة ، فقال : يرجعان مكانهما فيقفان بالمشعر ساعة ، قلت : فإنه لم يخبرهما أحد حتى كان اليوم وقد نفر الناس ، قال : فنكس رأسه ساعة ، ثم قال : أليسا قد صلّيا الغداة بالمزدلفة؟ قلت : بلى ، قال : أليس قد قنتا في صلاتهما؟ قلت : بلى ، قال : تمّ حجهما ، ثم قال : والمشعر من المزدلفة ، والمزدلفة من المشعر ، وإنما يكفيهما اليسير من الدعاء» 6 .