113سابعاً : إن بعض هذه الروايات ضعيف السند ، فالموصلي مجهول ، وعبداللّٰه بن جذاعة مجهول ، إضافة إلى جعفر بن عامر الراوي عنه ، وأما خبر المجالس فهو ضعيف بجهالة أبي الحسن علي بن الحسين البرقي على الأقلّ ، فيبقى خبر معاوية بن عمار ، وهو لوحده غير كافٍ ، ذلك أن باب الأدعية قد علمنا من موارد كثيرة عدم الوجوب فيها مع مجيء صيغة الأمر ، ولهذا لا يؤخذ بصيغة الأمر فيها إلا مع كثرتها و تشديدها ، أو قيام قرائن عليها ، وهو ما سندرسه فيما بعد إن شاء اللّٰه تعالى .
والمتحصّل - إلى هنا - أنّ الأدلّة التي قيلت لإثبات وجوب الدعاء في عرفة غير تامّة ، وبهذا يمكن التمسّك بأصالة البراءة عن الوجوب ، كما فعله غير واحد 1 ، وإلا فإجراء البراءة مع وجود الدليل غير سديد .
النظرية الثانية : نظرية وجوب الذكر في المشعر الحرام
وقد ذهب بعض الفقهاء إلى وجوب الذكر عند المزدلفة ، وزاد بعضهم لزوم الصلاة على محمد وآله ، ففي جوابه عن إشكال وجوب الوقوف في المزدلفة مع عدم وجوب الذكر فيها مع أنّ آية المزدلفة دالّة من حيث المبدأ على وجوب الذكر ، يجيب الشريف المرتضى (436ه ) في «الانتصار» بعدم المانع من القول بالوجوب لظاهر الآية ، إلا أنّه يضيف أنّه إذا دلّ دليل على استحباب الذكر أخرجناه عن ظهور الآية ، ليبقى الباقي - وهو أصل الوقوف بالمزدلفة - على دلالة الوجوب 2 .
أما ابن البراج الطرابلسي ، فرغم تصريحه باستحباب الدعاء يوم عرفة 3 ، يذكر أحكام الوقوف بالمشعر الحرام ، ويقسّمها إلى واجب ومستحب ، ثم يضع في الواجب ذكرَ اللّٰه سبحانه والصلاة على النبي وآله صلوات اللّٰه عليهم أجمعين 4 .