41
قال وحشي: فكنت أتنكّب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله حيث كان، لئلا يراني، حتى قبضه اللّٰه 1.
وعلىٰ أيّة حال، فقد قال لهم رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله: انطلقوا إلىٰ هذا المسجد الظالم أهله، فاهدموه وأحرقوه، فخرجوا، وانطلق مالك، وأخذ سعفاً من النخل، فأشعل فيه ناراً، ثمّ دخلوا المسجد وفيه أهله، فحرقوه وهدموه، وتفرّق عنه أهله، وأمر النبيّ صلى الله عليه و آله أن يتخذ ذلك كناسة تلقىٰ فيها الجيف والنتن والقمامة، ومات أبوعامر بالشك وحيداً غريباً.
وفي خبر مختصر ينقله الواحدي أيضاً عن جماعة: أنّ المنافقين عرضوا المسجد يبنونه ليضاهئوا به مسجد قُباء، وهو قريب منه لأبي عامر الراهب، يرصدونه إذا قدم ليكون إمامهم فيه، فلما فرغوا من بنائه أتوا رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله فقالوا:
يا رسول اللّٰه إنا قد بنينا مسجداً فصلِ فيه حتى نتخذه مصلى، فأخذ ثوبه ليقوم معهم، فنزلت هذه الآية:
«لا تقم فيه أبداً» 2
.
وأبوعامر الراهب كان قد خرج إلىٰ قيصر وتنصّر، ووعدهم قيصر أنّه سيأتيهم، فبنوا مسجد الضرار يرصدون مجيئه فيه.
ويذكر سعيد بن المسيّب: أنّ
«واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين» 3
.
نزلت في أبي عامر هذا - وهو واحد من عدّة أقوال - وهو أبو عامر بن صيفي، وكان يلبس المسوح في الجاهلية، فكفر بالنبي صلى الله عليه و آله، وذلك أنّه دخل على النبي صلى الله عليه و آله المدينة، فقال: يا محمد، ما هذا الذي جئتَ به؟
قال: جئتُ بالحنيفية دين إبراهيم.
قال: فإنّي عليها.