252
وماهراً في فن الخط بجميع أنواعه فكتب مصحفين بيده، وأرسلهما إلى الحرمين الشريفين 1، وقد كتبهما
بالخط الثلث بماء الذهب، وخص بهما إمام الحنفية، وجعل لهما وقفاً يصرف لمن يقوم على حفظهما، ومن يدعو له عند ختمهما، وللسقاء الذي يسقي القراء وللفراش كذلك، وكان محافظاً على الوضوء والصلاة في جماعة 2.
ومن برّه لأهل الحرمين، أنه كان يرسل لهم العطايا والأقمشة، كما أنشأ في مكة رباطاً ومدرسة وسبيلاً للماء، وجعل لهما وقفاً يرسل إلى مكة ينفق على المدرّسين والطلبة ومن يقيم في الرباط 3.
السلطان شير شاه السوري:
ومن حكام الهند أيضاً شير شاه السوري الذي جلس على عرش آكرا (بكاف فارسية) في رجب 947ه - 1540م 4، وقد قام شير
شاه السوري بتخصيص سفينتين كبيرتين لنقل الحجاج كل عام مجاناً، وكان بيت المال يتحمل تكاليف سفر أولئك الحجاج 5، كما كان حريصاً
على تأمين طريق الحج فقد قال: «لو ساعدني الزمان أبعث برسالة إلى عظيم الروم (يقصد السلطان العثماني) وأسأله أن يركب بعساكره إلى بلاد الفرس، ونركب نحن من هنا إلى تلك البلاد، فندفع بمساعدة ملك الروم شر الأوباش الذين يقطعون طريق الحجاج، ونحدث شارعاً آمناً إلى مكة المباركة» ، لكن الأجل لم يمهله فمات قبل أن يحقق أمله 6.
الامبراطور جلال الدين أكبر:
وهكذا يفهم أن الأوربيين كانوا يعرقلون سفر الحجاج الهنود إلى مكة المكرمة، مما دفع الحكام المسلمين إلى التصدي لهم، ومن أمثلة هذه الحوادث ماقام به الامبراطور جلال الدين أكبر حين زحف على منطقة الگجرات سنة 980ه / 1572م، ووصل إلى مدينة «سورت» 7،
حيث أسس البرتغاليون بها مركزاً لتجارتهم وحاميةً من الجند تحميهم، وقد تصالح هؤلاء معه و عقدوا