185
من معالم التراث رسالتان و قصيدة
تقديم: محمّد رضا الأنصاري
يتوجه المسلمون إلى الكعبة المشرفة والمسجد الحرام - زادهما اللّٰه شرفاً وعزّاً - صباحاً و مساءً، لا بجباههم ووجوههم فحسب، وانّما يتوجّهون بقلوبهم، خاشعين للّٰهسبحانه، ومتذكرين نِعمه السابقة، وآلاءه الوافرة عليهم، بأنْ مَنّ عليهم وبعث فيهم رسولاً من أنفسهم يتلو عليهم آياته، فالكعبة قبلة العاشقين الوالهين لذات اللّٰه سبحانه، ومن ديدن العشاق التغزّل بصفات المعشوق، والتذكير بمحاسن جمال المحبوب، فكم من العُرفاء تغزّل بالكعبة المشرفة، فمدح أحجارها وأستارها وميزابها وأركانها وحِجْرها ومياه زمزمها، بل وتعدى بعضهم من ذلك، فتغزّل بالطائفات وبثيابهنّ البيضاء، وكذلك المدينة المنورة، منزل الحبيب - عليه وعلى آله الطيّبين الأطهار أفضل الصَّلوات والتحيات - ودار هجرته، ومهبط الوحي ومثوى جثمانه الطاهر.
ولعلّ المدينة أقرب الى قلوب العاشقين الوالهين من مكّة، لأنّ رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله باب اللّٰه، والتذكّر بفضائله وفضائل آل بيته الكرام، يعدّ من أقرب القُربات الى اللّٰه تعالى، وقد ورد في الحديث الشريف التأكيد على تعطير المجالس بذكر محمّدٍ و آل بيته الكرام، هذا فضلاً عن أنّ المدينة فيها من الذكريات ما يثير في نفس المؤمن الفرح والحزن، والسّرور والشّجن، فحينما يستعرض المرء سيرة الرسول صلى الله عليه و آله منذ