156
إسلامه
كان من الذين منَّ اللّٰه تعالى عليهم، يوم العقبة الأولىٰ، حيث شهدها مبايعاً رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله مع نخبة من الخزرج، وشهدها نقيباً حيث كان من الاثني عشر نقيباً، ولم يكتف بهذا، بل شهد العقبة الثانية مع جمع كبير من الأنصار والذين كانوا ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين.
وكان واحداً ممّن اعترضوا ناقة رسول اللّٰه حين وازنت دار بني الحارث بن الخزرج - وكان هذا يوم اعتراض القبائل في يثرب لناقة رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله تبتغي نزولها عندها - فاعترضها منهم سعد بن الربيع، وخارجة بن زيد، وعبداللّٰه بن رواحة في رجال من بني الحارث بن الخزرج، فقالوا: يا رسول اللّٰه هلّم إلينا، إلى العدد والعدّة والمنعة، فقال لهم: خلوا سبيلها، فإنها مأمورة، فخلوا سبيلها، فانطلقت. . . وكان له موقف آخر يتصف بالقوّة والرغبة العظيمة في سماع آيات القرآن وما يبشر به رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله وينذر:
فعن زيد بن حارثة قال: ركب رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله إلى سعد بن عبادة يعوده من شكوٍ أصابه على حمار عليه إكاف، فوقه قطيفة فدكية، مختطمة بحبل من ليف، وأردفني رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله خلفه، قال: فمرّ بعبد اللّٰه بن أبي، وهو في ظلّ مُزاحمٍ أطمه (الحصن، وأطام المدينة سطوحها. . .) ، وحوله رجال من قومه، فلما رآه رسولاللّٰه صلى الله عليه و آله تذمم أي استنكف واستحيا من أن يجاوزه حتى ينزل، فنزل فسلم، ثمّ جلس قليلاً فتلا القرآن ودعا إلى اللّٰه عزّ وجلّ وذكّر باللّٰه وحذّر، وبشر وأنذر.
وهو زامّ لا يتكلم، حتى إذا فرغ رسول اللّٰه صلى الله عليه و آله من مقالته، قال: يا هذا، إنّه لا أحسن من حديثك هذا، إن كان حقاً فاجلس في بيتك، فمن جاءك له فحدّثه إياه، ومن لم يأتك فلا تغتَّه به
[
أي لا تثقل عليه
]
ولا تأته في مجلسه بما يكره منه.
وهنا انبرىٰ عبداللّٰه بن رواحة قائلاً في رجال كانوا عنده من المسلمين: بلى، فاغشنا به، وائتنا في مجالسنا ودورنا وبيوتنا.
ثمّ واصل كلامه هذا قائلاً: