155
محمّدٍ محمداً!
ونحن ما إن ننتهي من تاريخ واحد منهم حتى ندخل تأريخ آخر يكمل الصورة المشرقة لهذه المدرسة ولهذه الصحبة ولما تتوفر عليه من مبادىء وقيم عالية.
والصحابي الذي بين أيدينا هو واحد من الذين لم يفتأ سيفهم يطارد فلول الوثنية المقهورة وأذيالهم المدحورة، وانجلت فروسيته ومضاؤه في معارك الإسلام الكبرى في معركة بدر وفي معركة أحد وفي الخندق ويوم الحديبية وخيبر، وهو ينتضي سيفيه الباترين - كما يعبر السيد الجميلي - سيف في يده، وآخر في لسانه، فأخذ يحصد أعداءَه ويضرب الباطل فيهم على أمّ رأسه في غير هوادة أو رحمة 1.
إنّه الصحابي الجليل، المؤمن المجاهد، والكاتب الشاعر، الخزرجي: عبد اللّٰه بن رواحة بن ثعلبة بن امرىء القيس بن عمرو بن امرىء القيس الأكبر بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث، هذا نسبه من أبيه وقد وقع فيه اختلاف.
كم كانت تربيتك يا رسول اللّٰه لهذه النخبة الطيبة نافعة خالدة!
وكم كان حبّهم واحتفاؤهم بك يا رسول اللّٰه عظيماً صادقاً حتى شهد به أبو سفيان وهو يعيش العداء كلّه والكراهية كلّها لرسول اللّٰه ودينه وصحبه:
ما رأيت من الناس أحداً يحبّ أحداً كما يحبّ أصحاب محمّدٍ محمداً!
أمّا نسبه من أمّه، فهي كبشة بنت واقد بن عمرو بن الإطنابة ابن عامر بن زيد مناة.
وأمّا كنيته فهو يكنّىٰ ب (أبو محمد) ، ويقال له: أبو رواحة، ويقال له أيضاً: أبو عمرو الأنصاري.