152
يمكن القول: إن ملاحظات هؤلاء اختلفت بمرور الزمن. فقد كان الأوائل منهم أكثر اهتماماً بشرح تفاصيل الدين ومناسك الحج. وتعبيراتهم تطبعها الدهشة وأحياناً الانبهار وأحياناً التعصب الديني. كما أن الأوائل ركزوا على دحض الأخطاء والخرافات الرائجة في أوروبا عن الدين الإسلامي ومقدساته.
إن قائمة الأوروبيين الذين زاروا مكة المكرمة طويلة في الحقيقة، إذ تضم إضافة إلى المشاهير الذين ذكرناهم عدداً أكبر ممن هم أقل شهرة
أما المتأخرون منهم، فقد ذهبوا إلى وصف أدقّ لحال سكان مكة والمدينة، والحجاج وتركيباتهم الإثنية وأعدادهم وطبقاتهم وأحوالهم المادية والسياسية والاجتماعية، كما تركّز وصفهم للمدينتين علىٰ ذكر تحصيناتهما مصادر المؤونة والماء فيهما، كما استغل رحالة كل بلد أوروبي فرصة الحج للتجسّس على حجاج مستعمرات بلده.
وقد كانت هناك بضع عوامل مشتركة بين هؤلاء الرحالة الأوائل منهم أو المتأخرين. فقد شاع بينهم تقمّص شخصيات يسهل لهم التسلل عبرها و تبرير سحنتهم الأوروبية من خلالها مثل جنود المماليك، أو تصرفاتهم الغريبة مثل الدراويش. كما أن جميعهم تعلّم اللغة العربية وأجادها واستعدّ للرحلة وتعلم الدروس ممن سبقوه إليها بفطنة شديدة.