147
وهو «الشيخ إبراهيم» . . ذلك هو الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت الذي نزل في جدة في الثامن عشر من يوليو 1814م. وسار منها إلى الطائف لمقابلة الخديوي محمد علي باشا، ثم قصد مكة المكرمة لأداء فريضة الحج.
قبل أن يرحل بيركهارت إلى الحج، قرر أن يعدّ نفسه إعداداً كافياً لتلك الحياة المليئة بالمصاعب والاختبارات والمحن التي تنتظره. فالتحق بجامعة كمبردج عام 1808م لدراسة اللغة العربية والطب وعلم الفلك وعلوم أخرى. ثم قصد حلب حيث قرأ القرآن وتفقه في الدين الإسلامي، ثم اعتنقه عام 1809م وتسمّى بإبراهيم بن عبداللّٰه، وراح يعوّد نفسه على الحياة الصعبة، فهجر حياة الترف، وبات ينام على الأرض.
وصل بيركهارت إلى مكة، في 8 سبتمبر 1814م، وكانت معرفته باللغة العربية، واطلاعه التام على أحوال المسلمين وعاداتهم قد ساعداه على إنجاز مهامه بنجاح، حتى استطاع أن يعيش في مكة خلال موسم الحج كلّه، ويشترك في مناسكه وشعائره، من دون أن يثير أية شكوك. . وكان بيركهارت نفسه يقول: إنّه من بقايا المماليك الذين قضى عليهم محمّد علي باشا في مصر، حينما كان يُسأل عن هويته، وشخصية المملوكي والدرويش كانت مناسبة للتخفي بين الحجيج بالنسبة لرجل أوروبي كما فعل فارتيما من قبل، والملاحظ مما كتبه بيركهارت نفسه أن إقامته في مكة كانت