146
ثمّ توجّه إلى اسطنبول، وبعد مغامرات وتقلبات عدّة وصل إلى القاهرة في عام 1809م، وانخرط في سلك الحرس الألباني. ثم فرّ من الجندية عام 1814م وتوجه إلى مكة المكرمة، فحجّ فيها. وكتب عن ما شاهده بالتفصيل، ومنه قوله:
«ولمّا كنت مسروراً لنجاحي في الفرار، كنت في وضع فكري يتقبّل الكثير من الانطباعات القويّة. ولذلك تأثرت كثيراً بجميع ما رأيت عندما دخلت البلدة (يقصد مكة) ، لأنّها وان لم تكن واسعة ولا جميلة بحدّ ذاتها، فقد كان فيها شيء يبعث على الرهبة والاندهاش. وكان ذلك يلاحظ على الأخصّ عند الظهيرة، حينما يهدأ كل شيء تمام الهدوء، إلا المؤذّن الذي يدعو الناس إلى الصلاة من فوق المأذنة» .
وفي الوقت الذي كان فيه فيناتي يقوم برحلة الحج إلى مكة، كان هناك مستشرق آخر يُعدّ من أشهر رحالي القرن التاسع عشر وأغزرهم علماً وثقافة وأبعدهم صيتاً وشهرة، يشارك في موسم الحج ذاته، متخفياً تحت اسم مستعار وهو «الشيخ إبراهيم» . . ذلك هو الرحالة السويسري جون لويس بيركهارت
ويمضي فيناتي في وصف البيت الحرام والكعبة معلقاً على ازدحام الناس في مكة، وكثرة الحجّاج فيها فيقول: «وصلت إلى مكة، منذ أن أتيتُ إليها، قافلتان كبيرتان، إحداهما من آسيا والأخرى من إفريقيا، يبلغ عدد القادمين فيهما حوالي أربعين ألف شخص، كان يبدو عليهم كلهم مقدار ما يكنّونه في نفوسهم من الاحترام والتقديس للبيت الحرام» .
عصر كبار المستشرقين
وفي الوقت الذي كان فيه فيناتي يقوم برحلة الحج إلى مكة، كان هناك مستشرق آخر يُعدّ من أشهر رحالي القرن التاسع عشر وأغزرهم علماً وثقافة وأبعدهم صيتاً وشهرة، يشارك في موسم الحج ذاته، متخفياً تحت اسم مستعار