14
قلت: مضافاً إلى أنّ هذا التعبير إنّما جاء في قبال بيت المقدس ولزوم الانصراف عنه والتوجّه إلى المسجد الحرام، لاشكّ في أنّه من كان داخلاً في المسجد يجب عليه أن يتوجّه إلى البيت، ولايجوز أن يصلّي إلى المسجد، وعنوان المسجد الحرام في الآيات الشريفة إشارة إلى البيت، ولا مدخلية لنفس المسجد.
نعم، ذهب الكثير أو الأكثر بل حكي عن مجمع البيان نسبته إلى أصحابنا وادّعى الشيخ في الخلاف الإجماع عليه، وهو أنّ الكعبة قبلة لمن كان في المسجد، والمسجد قبلة لمن كان في الحرم، والحرم قبلة لمن خرج عنه، ولكن لا ترديد في أنّ البيت قبلة لمن كان في المسجد.
وكيف كان، فالظاهر عدم الفرق بين الاستقبال والطواف من هذه الجهة، والشاهد على ذلك أنّه لو أزيل البناء تصحّ الصلاة إلى الفضاء، ولا تصحّ إلى البناء الزايل، وأيضاً يجوز الطواف حول الفضاء الموجود ولايسقط وجوبه في هذا الفرض.
نعم، هذه التوسعة إنّما هي في الطواف، ولا تجري في السعي، فلا يتوهّم أنّه كما يجوز الطواف فوق الكعبة يجوز السعي أيضاً من الفوق، فإنّ السعي لابدّ وأن يكون بين الجبلين لا فوقهما، ولا دليل على أنّ الفوق فيه ملحق بالبين، إلّاأن يقال:
إنّ البين ليس مقابلاً للفوق، بل المراد كون السعي في هذا الحدّ بدواً وختماً، وهو كما ترىٰ.
إن قلت: ورد في بعض الروايات أنّ الملائكة ينزلون إلى الأرض ويطوفون حول البيت، أليس هذا شاهداً على أنّ الملاك في الطواف نفس البيت وإلّا لما احتاجوا إلى النزول؟
قلت: كلّا، لا يثبت بهذا ذاك، بل يمكن أن يكون نزولهم لاشتراكهم مع المؤمنين وجعل أنفسهم في صفّهم هذا أوّلاً، وثانياً لا ينكر رجحان الطواف بنفس البيت من باب أنّ الأقرب إليه يكون أكثر ثواباً، وأيضاً من جهة أنّ الموجود والمحسوس هو الطواف حول هذا البيت، وربما يكون هذا موجباً لكون القرب إليه