١٣
الفرق بينهما من هذه الجهة بعيد جدّاً وغريب حقّاً، ولا يكون الخبر قرينة على كون المراد من المرسلة القبلة والاستقبال فقط؛ لعدم جريان التقييد في المثبتين.
مناقشات وإجابات
إن قلت: إنّ أدلّة الطواف ظاهرة في وجوب كون الطواف محاذياً لنفس البيت، فإنّ قوله تعالى:
«وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ١
ظاهر في لزوم كون الطواف بنفس
البيت لا بفضائه، والعودة إلى اللغة سيما بالنسبة إلى التعبير بكلمة الحول في بعض الروايات تؤيّد ذلك، فقوله «طاف بالمكان» يعني أنّه جعل المكان في وسطه لا فوقه ولا تحته.
قلت: نعم، وإن كان الظاهر كذلك، إلّاأنّ الرواية حاكمة ومفسِّرة الأمر الذي يوجب التوسعة، كما أنّ الأدلّة الواردة في الاستقبال ظاهرة في لزوم كون الصلاة محاذية لنفس البيت، ولا أقل لمن كان في المسجد، والرواية توجب التوسعة في ذلك، ومن البعيد جدّاً وجود الفرق بين الاستقبال والطواف مع كون التكليف فيهما إلى البيت.
إن قلت: يستفاد من بعض الآيات الشريفة أنّ الواجب على المصلّي أن يجعل وجهه شطر المسجد الحرام، كقوله تعالى:
«فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» ٢
، ومعنى ذلك أنّه لا مدخلية لنفس
البيت، مع أنّ التكليف في الطواف لا يكون إلى المسجد بل بالبيت، لقوله تعالى:
«وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ» ٣
، وقوله تعالى:
«وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ
طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ» ۴
، ومن الواضح أنّ المراد من البيت في الآية الكعبة لا
المسجد.