178من لوازم الحياة والتطوّر، ومن ثمَّ فهي خارجة عن مدار البحث.
و أمّا إذا دخلت البدعة في أمر الشّريعة والدّين فتغدو محرّمة، إذ يشملها قول النّبي الأعظم صلى الله عليه و آله: «كلّ بدعة ضلالة، وكلّ ضلالة في النّار» 1، إذ لولا هذا النّهي لحصل التّلاعب في أمر الدّين.
توضيح ذلك: إنّ العبادات توقيفيّة لا اختراعيّة، وكيفيتها موقوفة على بيان الشّارع المقدّس لا غيره، فهو الّذي يبيّن حدودها وكيفيّتها، ويعيّن أجزاءها وشرائطها، فبما أنّ أمر أحكام الدّين بيد الشّارع لا النّاس، فالبدعة في الدّين أمر مرفوض محرّم.
قال السّيّد المرتضى قدس سره:
«و ليس لنا أن نبدع في الدّين بما نظنّ أنّ فيه مصلحة، لأنه لا خلاف في أنّ ذلك لا يسوغ ولا يحلّ» 2.
ولا يجوز لأحد - صحابياً كان أم غيره -أن يقوم بالتشريع ووضع السنن، إذ إنّه أمر راجع إلى الشارع، ولنعم ما قال الشوكاني:
«والحق أنّ قول الصّحابي ليس بحجة، فإنّ اللّٰه سبحانه وتعالى لم يبعث إلى هذه الأمة إلا نبيّنا محمّداً صلى الله عليه و آله، وليس لنا إلا رسول واحد، والصحابة ومن بعدهم مكلّفون على السواء باتّباع شرعه والكتاب والسنّة، فمَن قال إنه تقوم الحجة في دين اللّٰه بغيرهما فقد قال في دين اللّٰه بما لا يثبت، وأثبت شرعاً لم يأمر به اللّٰه» 3.
وبناءً عليه، من المناسب البحث في أنّ البدعة الّتي ارتكبها الخليفة عمر، هل هي بالمعنى الأوّل -كما يدّعيه بعض ناصريه -أم الثاني؟
قال الشهيد قدس سره في قواعده:
محدثات الأمور بعد النّبي صلى الله عليه و آله تنقسم أقساماً لا تطلق اسم البدعة عندنا إلّا على ما هو محرّم منها 4.