37المباركة من أجل وحدة الاُمّة الإسلاميّة وتوحيد كلمتها وصفوفها ضدّ أعدائها، وما أكثر جهوده وأنشطته المنصبّة على إحياء أهداف هذه الفريضة المباركة عبر مفاصلها كافّة، ومنها هاتان الإفاضتان، وما تشكّلانه من زخم بشري عظيم مهيب على جميع المستويات، الروحيّة منها والماديّة، الأخروية منها والدنيوية.
* * *
فبعد أن اتّفقت كلمة جمعٍ من مفسّري المذاهب الإسلامية - ممّن تيسّر لي الاطّلاع على رأيه - على الإفاضة الأولى من عرفات إلى حيث المزدلفة؛ لأنّ الآية الأولى لم تدع مجالاً للاختلاف، حيث قالت: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللّٰهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ. . . . . .
وقع الاختلاف بينهم في المراد من الآية الثانية: ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ .
هل هي الإفاضة الأولى من عرفات أو هي إفاضة اُخرى غيرها؟ وهل يمكننا الاستفادة منها إفاضةً أخرى من المزدلفة نحو منى، أو أنّ الآية لا تساعد على ذلك؟ وكلّ ما فيها هو أمر بالبعث والتوكيد للإفاضة الأولى والالتزام بها، وعدم التخلّي عنها لأيّ سبب من الأسباب، أو أنّ كلّ ما جاء بها هو توضيح لكيفيّتها، أو هو أمر خاصّ بجماعة امتنعوا عن الوقوف بعرفات - كما في روايات عند الفريقين - واستبدلوه بوقفة المزدلفة ثمّ الإفاضة منها. .
هذا ما سنتعرّف عليه في مقالتنا هذه.
الإفاضة لغةً
أفضتم: دفعتم أنفسكم بكثرة، من إفاضة الماء، وهو صبّه بكثرة، وأصله أفضتم أنفسكم وترك ذكر المفعول 1.