31قبلة الأحساء ليس فيها انحراف عن نقطة المغرب الاعتدالي، ولم نرجع والحمد للّٰه في معرفة ذلك إلى الهندسة والاصطرلاب والتقويمات، ولا إلى الهيئة والحساب والزيجات، بل إلى الآيات والروايات. فبان أنّ ما ادّعى من وضوح انحراف قبلة الأحساء عن نقطة المغرب إلى الجنوب بالاستنباط من كلام أهل العلوم الغريبة الصعبة المأخذ، وأنّه واضح بالحس الذي لا يخفى، دعوىً بيّن عدمُ صدقها للأغبياء فضلاً عن العلماء الأذكياء.
وما ذكره من الوجوه المتداخلة - بعد التأمّل - كلام لا يعوّل عليه الجاهل فضلاً عن العالم الفاضل، وكيف ينحرف من يصلّي في الأحساء عن نقطة المغرب الاعتدالي بقدر أربع أصابع؟
وقد ذكر الشهيد الأوّل رحمه الله في الذكرى: «إنّ أبا الفضل شاذان بن جبرائيل القمّي صنّف رسالة في القبلة وسمّاها ب إزاحة العلّة في معرفة القبلة، وذكر فيها قبلة أكثر البلدان، قال أبو الفضل فيها: وأهل البصرة يستقبلون ما بين الباب والحجر الأسود، وجعل من علاماتهم جعل الجدي عند طلوعه على الخدّ الأيمن» 1.
و ذكر السيّد محمد مهدي الطباطبائي في منظومته الفقهيّة المسمّاة ب الدّرة النجفية، أنّ أهل البصرة وما والاها يجعلون الجدي حال الاستقبال على الاُذن اليمنى 2.
ولا يخفى أنّ هذين الشيخين الجليلين من أجلّاء علماء الإماميّة المعاصرين والمتقدّمين والمتأخّرين، وحكمهما بما ذكرا رحمهما الله مخالف لحكم هذا الفاضل المجتهد في قبلة البحرين؛ لأنّك إذا لاحظت الجدي عند جعلك إيّاه على الخدّ الأيمن يكون الواقف كذلك مقابلاً لنقطة الغرب أو قريباً منها جدّاً.